منصة الصباح

صهيون أولا

حسام الوحيشي

تتنافس روسيا والولايات المتحدة جيوسياسيًا على نطاق واسع في العديد من الملفات الدولية، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات العالمية. لكن هناك استثناء واحد، حيث لا تسمحان لصراعهما التاريخي على النفوذ بأن يمس بمصالح الكيان الصهيوني. بل تعمل كل منهما على خدمة أهدافه حتى على حساب مصالحها الخاصة. يُعتبر الكيان الصهيوني حليفًا استراتيجيًا شهيرًا للولايات المتحدة، وشريكًا استراتيجيًا غير مشهور لروسيا، بسبب الضباب الذي تطرحه بعض الأنظمة العربية عبر كومبرادوراتها.

عندما تدخلت روسيا لإنقاذ النظام السوري في حربه على المعارضة عام 2015، حافظت على تنسيق وثيق مع الكيان الصهيوني لتفادي أي صدام غير مقصود. هذه “الآلية” منعت التضارب، مما أتاح للصهاينة تنفيذ عمليات ضد النظام السوري ومهاجمة أهداف إيرانية وحزب الله ومعارضيهم تحت نظر الروس، الذين لم يتحركوا بل سهلوا العديد من تلك الضربات، وقدّموا دعمًا نوعيًا بالمعلومات والعتاد.

خارج سوريا، تتفهم روسيا والولايات المتحدة المخاوف الصهيونية من إيران، لكن بطريقتين مختلفتين. الولايات المتحدة توفر للكيان الصهيوني منظومة دفاعية متطورة مع طاقمها، بينما ترفض روسيا تزويد إيران بأسلحة متقدمة، مما يمنعها من الدفاع عن نفسها في حال شن هجوم صهيوني.

تتفهم روسيا أيضًا الخطط العسكرية الاستراتيجية الصهيونية التي تهدف إلى منع التمركز الإيراني الدائم في سوريا. ويبدو أن الاتفاق الأخير مع تركيا بعدم التدخل في تحركات المعارضة نحو دمشق، والذي أدى إلى سقوط نظام بشار الأسد، يعكس هذا الفهم، مما يضمن استمرار وجودها الساحلي في طرطوس وقاعدة حميميم. في النهاية، يبدو أن إيران هي الخاسر الأكبر في هذه المعادلة.

اذا لم يكن الكيان جزءا من المشهد الجيوسياسي تتعامل روسيا بأسلوب مغاير تماما مع حلفائها، لناخذ كوريا الشمالية كأنموذج حيث يختفي خطر الإضرار بالمصالح الصهيونية من الكادر و تتكلم الجغرافيا السياسية بلغة لا مراعاة تشوبها، تعاني كوريا الشمالية الدولة النووية عسكريا من غياب وجود منظومة إنذار مبكر لمواجهة التهديدات عبر الأقمار الاصطناعية و رغم محاولاتها لاطلاق مشاريع فضائية إلا انها منيت بالفشل جميعا و هنا قدمت لها روسيا التكنولوجيا رفقة اتفاقية دفاع مشترك شاملة تغطي كافة جوانب القصور لديها، مما عالج الثغرات في نظامها الدفاعي و عزز قدرات الاستجابة السريعة و القوة الهجومية ايضا.

شاهد أيضاً

عن أيّ مصالحة يتحدَّثون..؟!!

مفتاح المصباحي   كثُرَ الحديثُ في الأونةِ الأخيرة عن المصالحة الوطنية، وصاحب ذلك لقاءات ومؤتمرات …