منصة الصباح

حرب‭ ‬الكائنات‭ ‬الدقيقة‭ ‬

بقلم / عبدالله‭ ‬مونى‭ ‬

في ‬الوقت‭  ‬الذى‭ ‬يخوض‭ ‬الانسان‭  ‬فيه‭ ‬حربا‭ ‬ضد‭ ‬اخيه‭ ‬الانسان‭ ‬مستخدما‭  ‬احدث‭ ‬ما‭ ‬انتجه‭ ‬العقل‭ ‬البشرى‭ ‬من‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬التخريب‭ ‬والقتل‭  ‬والدمار‭ ‬من‭ ‬دبابات‭ ‬وصواريخ‭ ‬طويلة‭ ‬وقصيرة‭ ‬المدى‭ ‬وطائرات‭ ‬وحاملاتها‭ ‬وغواصات‭ , ‬يواجه‭ ‬العالم‭  ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬واخرى‭ ‬حروبا‭ ‬من‭  ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬اشد‭ ‬فتكا‭ ‬ودمارا‭ , ‬هى‭  ‬حرب‭ ‬الكائنات‭ ‬الدقيقة‭ , ‬وهى‭  ‬مخلوقات‭ ‬اوجدها‭ ‬الخالق‭ ‬لخلق‭ ‬توازن‭ ‬طبيعى‭  ‬في‭ ‬الطبيعة‭ , ‬لتستمر‭  ‬الحياة‭ ‬كما‭  ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬لها‭  ‬ان‭ ‬تستمر‭ ,
هذه‭ ‬الكائنات‭  ‬الدقيقة‭ ‬التى‭   ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬رؤيتها‭  ‬بالميكروسكوب‭ ‬العادى‭   ‬والتى‭ ‬يقاس‭ ‬حجمها‭ ‬بوحدة‭ ‬قياس‭ ‬دقيقة‭ ‬يسمى‭ ‬نانو‭  ‬وهو‭ ‬اصغر‭ ‬من‭ ‬الملمتر‭ ‬بكم‭ ‬الف‭ ‬ضعف‭ ‬من‭ ‬المليمتر‭ ‬تشن‭ ‬حروبا‭ ‬شرسة‭  ‬ضدنا‭ , ‬تحصد‭ ‬الارواح‭ ‬بلا‭  ‬شفقة‭ ‬ولا‭ ‬رحمة‭ ‬وتكلف‭ ‬مقاومتها‭  ‬مليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ , ‬يغافلنا‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬لأخرى‭  ‬ويأتى‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭ ,‬تحير‭ ‬العقل‭ .‬
وقد‭ ‬سجل‭ ‬العالم‭ ‬اشهر‭  ‬عشر‭ ‬حالات‭ ‬لأوبئة‭ ‬مميتة‭  ‬اسوقها‭ ‬اليك‭ ‬بدون‭ ‬ترتيبها‭ ‬الزمنى‭ :_‬
1‭_‬وباء‭ ‬الكوليرا‭  ‬رقم‭ ‬3‭ ‬سنة‭ ‬1852‭__‬1860‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وانتشر‭ ‬في‭  ‬المنطقة‭ ‬الجغرافية‭ ‬المحيطة‭ ‬بها‭ .‬
2‭_ ‬الانفلونزا‭ ‬الاسيوية‭ ‬1957‭ ‬في‭ ‬اسيا‭  ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬والتى‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ .‬
3‭_ ‬حمى‭ ‬التيفوئيد‭ ‬1945‭ ‬في‭  ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬التانية‭  ‬مات‭ ‬بسببها‭ ‬3مليون‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭  ‬وحدها‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬تنتقل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭  ‬انتشار‭ ‬حشرة‭ (‬القمل‭)‬
4‭_  ‬وفى‭ ‬المكسيك‭ ‬1576‭ ‬ظهر‭ ‬نوع‭  ‬من‭ ‬الطاعون‭ ‬من‭ ‬سلاله‭ ‬الطاعون‭ ‬الذى‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬الامبروطورية‭ ‬الرومانية‭ ‬541‭_‬542‭ ‬انهى‭ ‬حياة‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭  ‬كانوا‭ ‬يمتلون‭ ‬آنداك‭ ‬13‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ .‬
5‭_‬ظهر‭  ‬طاعون‭ ‬آخر‭ ‬اسمه‭  ‬انطونيون‭ ‬165‭__‬180‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭  ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬قتلاه‭ ‬5‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ .‬
6‭_‬1855‭ ‬الجيل‭ ‬الثالث‭  ‬من‭ ‬وباء‭ ‬الطاعون‭ ‬الذى‭ ‬ظل‭ ‬ينتشر‭  ‬في‭ ‬اسيا‭ ‬لمدة‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬واودى‭ ‬بحياة‭  ‬عشرة‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭.‬
7‭_ ‬تم‭  ‬جاء‭ ‬1834‭ ‬ما‭  ‬اطلق‭ ‬علية‭ ‬الموت‭ ‬الاسود‭  ‬او‭ ‬الطاعون‭ ‬العظيم‭ ‬واودى‭ ‬بحياة‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬اوروبا‭ . ‬
8‭_ ‬وفى‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الاولى‭ ‬1918جاء‭  ‬ميكروب‭ ‬الانفلونزا‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬ضحاياه‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬الى‭ ‬40‭ ‬مليون‭  ‬نسمة‭ .‬
9‭_‬1960‭ ‬جاء‭ ‬الايدز‭ ‬الغنى‭ ‬عن‭ ‬التعريف‭  ‬الذى‭ ‬سجل‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬حالة‭  ‬وفاة‭ ‬و65‭ ‬مليون‭ ‬اصابة‭ .‬
10‭_ ‬ديسمبر‭ ‬2019نكبنا‭  ‬بفايروس‭ ‬جديد‭ ‬ظهرفى‭ ‬الصين‭ ‬اسمه‭  ‬كورونا‭ ‬انتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬خيالية‭ ‬في‭ ‬اماكن‭  ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬ندعوا‭ ‬الله‭ ‬الا‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭  ‬وباء‭ ‬كلفنا‭ ‬بأسبوعه‭ ‬الاول‭ ‬160‭ .‬مليون‭… ‬دولار‭ …….  ‬
بذلك‭ ‬نصل‭ ‬الى‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬لابد‭ ‬منه‭ ‬عن‭  ‬ماهية‭ ‬هذة‭ ‬الجيوش‭ ‬التى‭ ‬قتلت‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ? ‬علامة‭ ‬استفهام‭  ‬كبيرة‭ ‬والجواب‭ ‬
هى‭  ‬كائنات‭  ‬دقيقة‭ ‬جدا‭  ‬لايمكن‭ ‬رؤيتها‭ ‬بالمجهر‭ ‬العادى‭  ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬الصغر‭ ‬حجم‭ ‬النانومليمتر‭ ‬هى‭ ‬مسببات‭ ‬الامراض‭ ‬التى‭  ‬تحصد‭ ‬الارواح‭ ‬بلا‭ ‬طائرات‭ ‬ولا‭ ‬حاملات‭ ‬للطائرات‭ ‬ولا‭ ‬صواريخ‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات‭  ‬طويلة‭ ‬وقصيرة‭ ‬المدى‭ ‬سببت‭ ‬للعالم‭ ‬خسارة‭ ‬اقتصادية‭ ‬عالية‭ ‬برغم‭ ‬تقدمه‭ ‬العلمى‭ ‬والتكنولوجى‭  ‬اذ‭ ‬أن‭ ‬تكلفة‭ ‬الامصال‭ ‬واللقاحات‭ ‬لمقاومة‭ ‬هذة‭ ‬الامراض‭ ‬وصل‭ ‬41‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنة‭ ‬2019ومتوقع‭ ‬ان‭ ‬سوق‭ ‬الامصال‭  ‬فى‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬سيصل‭ ‬الى‭ ‬50مليار‭ ‬دولار‭ .‬
كورونا‭  ‬وحدها‭ ‬فى‭ ‬اقل‭   ‬من‭ ‬اسبوع‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬ميلادها‭  ‬حسب‭ ‬السجل‭ ‬المدنى‭ ‬بأحدى‭ ‬ولايات‭ ‬الصين‭ ‬كلفت‭ ‬العالم‭  ‬160مليون‭ ‬دولار‭ .‬وستبلغ‭ ‬حسب‭ ‬الحسابات‭ ‬المتوقعةالى‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ . ‬
واليك‭ ‬قائمة‭ ‬بخسائر‭ ‬العالم‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذة‭ ‬الاوبئة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭:_‬
1‭_ ‬فايروس‭ ‬كارونا‭ ‬خلال‭  ‬اسبوعه‭ ‬الاول‭ (‬160‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭).‬
2‭_‬وباء‭ ‬ايبولا‭ (‬53مليار‭ ‬دولار‭ ).‬
3‭_ ‬انفلونزا‭ ‬الخنازير‭ (‬50مليار‭ ‬دولار‭ )‬
4‭_‬انفلونزا‭ ‬الطيور‭ (‬2‭ ‬ترليون‭ ‬دولار‭ )‬
5‭_ ‬وباء‭ ‬سارس‭(‬40مليار‭  ‬دولار‭ ) .‬
ونحن‭ ‬نتعامل‭  ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الاوبئة‭ ‬والفيروسات‭  ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬الاتى‭ :- ‬هذة‭ ‬الحروب‭  ‬التى‭ ‬تشنها‭ ‬علينا‭ ‬الكائنات‭ ‬الصغيرة‭ ‬الذقيقة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭  ‬مواجهتها‭ ‬لا‭ ‬بالاسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬المتطورة‭ ‬ولابالتكنولوجيا‭ ‬العالية‭ ,‬التى‭  ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬اجسادنا‭ ‬حتى‭  ‬تدمر‭ ‬بالكامل‭ ‬اجهزة‭ ‬المناعة‭ ‬لدينا‭, ‬ونقف‭ ‬مكتوفى‭ ‬الايدى‭  ‬امام‭ ‬بطشها‭ ‬وفتكها‭ ‬وجبروتها‭ . ‬نتذكر‭  ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ( ‬وخلق‭ ‬الانسان‭ ‬ضعيفا‭ ) ‬ونتوقف‭  ‬عند‭ ‬‭ ‬امور‭ ‬كثيرة‭ ‬هى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬فهمنا‭ ‬لديننا‭ ( ‬ان‭  ‬هذة‭ ‬المخلوقات‭ ‬التى‭ ‬تسلط‭ ‬علينا‭ ‬لنبدوا‭ ‬امامها‭ ‬قليلى‭ ‬الحيلة‭ ) ‬نستحظر‭ ‬الاية‭ ‬الكريمة‭ (‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬النَّاسُ‭ ‬ضُرِبَ‭ ‬مَثَلٌ‭ ‬فَاسْتَمِعُوا‭ ‬لَهُ‭ ‬ۚ‭ ‬إِنَّ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬تَدْعُونَ‭ ‬مِن‭ ‬دُونِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬لَن‭ ‬يَخْلُقُوا‭ ‬ذُبَابًا‭ ‬وَلَوِ‭ ‬اجْتَمَعُوا‭ ‬لَهُ‭ ‬ۖ‭ ‬وَإِن‭ ‬يَسْلُبْهُمُ‭ ‬الذُّبَابُ‭ ‬شَيْئًا‭ ‬لَّا‭ ‬يَسْتَنقِذُوهُ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬ۚ‭ ‬ضَعُفَ‭ ‬الطَّالِبُ‭ ‬وَالْمَطْلُوبُ‭   ‬ما‭ ‬قدروا‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬قدرةان‭ ‬الله‭ ‬لقوى‭ ‬عزيز‭ ). (‬فلا‭ ‬أقسم‭ ‬بما‭ ‬تبصرون‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬تبصرون‭.) ‬صدق‭ ‬الله‭ ‬العظيم‭ .‬فيا‭ ‬ايها‭ ‬الانسان‭ ‬
‭ (‬لَا‭ ‬تَمْشِ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬مَرَحًا‭ ‬ۖ‭ ‬إِنَّكَ‭ ‬لَن‭ ‬تَخْرِقَ‭ ‬الْأَرْضَ‭ ‬وَلَن‭ ‬تَبْلُغَ‭ ‬الْجِبَالَ‭ ‬طُولًا‭)   ‬إنك‭ ‬ضعيف‭ ‬ضعيف‭ ‬ضعيف‭ .. ‬فالخالق‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬كونه‭ ‬وما‭ ‬الحروب‭ ‬التى‭ ‬يشنها‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬الا‭ ‬حروبا‭  ‬صغيرة‭ ‬كألعاب‭ ‬البلاى‭ ‬ستيشن‭ ‬امام‭ ‬حرب‭ ‬الكائنات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬نراها‭ ‬والتى‭ ‬تخلق‭ ‬من‭ ‬حيت‭ ‬لا‭ ‬ندرى‭ ‬التوازن‭ ‬الطبيعى‭ ‬فى‭ ‬الكون‭  ‬والتى‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الكريم‭ (‬وَمَا‭ ‬مِن‭ ‬دَابَّةٍ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬وَلَا‭ ‬طَائِرٍ‭ ‬يَطِيرُ‭ ‬بِجَنَاحَيْهِ‭ ‬إِلَّا‭ ‬أُمَمٌ‭ ‬أَمْثَالُكُم‭ ‬ۚ‭ ‬مَّا‭ ‬فَرَّطْنَا‭ ‬فِي‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬مِن‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬ۚ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬إِلَىٰ‭ ‬رَبِّهِمْ‭ ‬يُحْشَرُونَ‭( ‬وقال‭ ‬ايضا‭( ‬وما‭ ‬يعلم‭ ‬جنود‭ ‬ربك‭ ‬إلا‭ ‬هو‭( ‬أي‭ : ‬ما‭ ‬يعلم‭ ‬عددهم‭ ‬وكثرتهم‭ ‬إلا‭ ‬هو‭ ‬تعالى‭   ..‬
فيا‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭  …. ‬تحابوا‭ .. ‬تسامحوا‭ …. ‬كفى‭  ‬حربا‭ ‬ودمارا‭ .‬

 

شاهد أيضاً

الطرابلسي يناقش مع سفراء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي ملف الهجرة

الطرابلسي يناقش مع سفراء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي ملف الهجرة

ناقش وزير الداخلية لواء عماد مصطفى الطرابلسي اليوم الاثنين ، مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى …