حرب طويلة المدى
مفتاح قناو
نحن حاليا في منتصف الأسبوع الثالث من بداية الحرب بين المقاومة الفلسطينية في غزة وبين دولة العصابات الصهيونية، التي توعد زعمائها باجتثاث جذور المقاومة في القطاع، ومسح حركة حماس من الوجود (على حد تعبيرهم)، لأنها سببت لهم وجعا وألما كبيرا، وهزت صورة جيشهم الذي لا يقهر، وصغرت من شأنه، وهم يرون أنه لا يشفي غليلهم إلا القضاء التام على حركة حماس وإعادة احتلال قطاع غزة بعد انسحابهم منه منذ سنين، بل وطرد سكانه إلى صحراء سيناء.
تنفيذ هذه التهديدات لم يبدو سهلا على جيش العدو الصهيوني، فمازال هذا الجيش يتحاشى الحرب البرية التي توعد بها، ومازال يستخدم قصف الطيران بعيد المدى لتدمير المباني والمنشآت وقتل وترويع المدنيين الأبرياء، ويدعي بأن الحرب البرية على غزة قادمة، لكن من الواضح أنه يخشى توسع رقعة الحرب، ويخشى تدخل قوى إقليمية أخرى متواجدة في المنطقة مثل حزب الله اللبناني.
والسؤال المطروح حاليا هو، هل يتدخل حزب الله اللبناني في هذه الحرب ؟
حزب الله حاليا هو أقوى خصوم العدو الصهيوني، وأكثرها ديناميكية وقدرة على الحركة، ويمتلك مئات الآلاف من الصواريخ المتطورة الدقيقة والموجهة، وهي القوة الرئيسية للحزب، ويمتلك أيضا قدرات مخابراتية كبيرة، مع رجال مؤمنين بحقهم الكامل وقدرتهم على ردع العدو وتحطيمه، وهذه الإمكانيات رغم بساطتها، لا تحوزها دول المواجهة مع العدو، لأن حكام الدول يخشون سقوط الكراسي التي يجلسون عليها.
إذا حاولت دولة العصابات الصهيونية تدمير حزب الله في ضربة استباقية بالطيران الحربي، فلن يكون لها ما تريد، حيث يستطيع الحزب ضرب أغلب المدن والمستعمرات الصهيونية بالصواريخ الموجهة، كما يمكنه تدمير منصات إنتاج النفط في الحقول البحرية التابعة للكيان العنصري في البحر المتوسط وهذا إن حدث يسبب للدولة الصهيونية شللا كبيرا، لذلك فأن مسألة الهجوم البري على قطاع غزة معقدة وصعبة من عدة أوجه.
الوجه الأول هو: أن جيش الدولة الصهيونية يعرف أنه سيتكبد خسائر فادحة أثناء الهجوم، فمن المعروف في مثل هذه الحروب أن المدافع أقوى بكثير من المهاجم، وأن المدافع الواحد يستطيع صد عشرة مهاجمين، لأنه سيكون متمركز بشكل جيد، ويمكنه التمويه والخداع.
الوجه الثاني هو: تأكد الدولة الصهيونية أنها في حال توغلها في القطاع بشكل مؤثر ستتدخل قوى أخرى في الحرب وعلى رأسها حزب الله، الذي لن يترك العدو يفتك بجزء من المقاومة وهو يتفرج، لأن الدور بعد ذلك سيكون على حزب الله نفسه الذي سيصبح وحيدا في الساحة.
لكل هذه المعطيات سمعنا قادة العدو الصهيوني في اليومين الماضيين يتحدثون بلغة مختلفة ويقولون بأن الحرب على قطاع غزة ستكون طويلة وستمتد إلى عدة أشهر، وهنا يمكننا الاستنتاج بأن العدو الصهيوني قد غير خططه التي سبق أن أعلنها بأنه سيقتحم قطاع غزة في عدة أيام وسيدمر ويمسح حركة حماس من الوجود.