الأستاذ/ عبدالرزَّاق الدَّاهش
انتشارُ خبر واقعة تهريب نحو “27” طنًّا من الذهبِ باتجاه تركيا، والتي جرى إحباطُها بمطار مصراته، كان عادياً جداً.. فهناك ميلٌ دائمٌ لدى قطاعٍ واسعٍ من الناس، بتصديقِ كل ما هو فضيحة.. ما هو غير عادي، أن تتورّط شبكة ال”بي بي سي”، في نقل هذا الخبر، وتتناوله ضمن أحد برامجها الجماهيرية.. نحن لا نتكلم عن صفحات فيسبوك، إنما عن مؤسسة صحفية عريقة، ورصينة، وتعرف كيف تحافظ على رصيدها من الصدقية.. والسؤال: ما هي المعايير والشروط المهنية التي استخدمتها ال”بي بي سي” في التحقّق والتقصّي وتحرّي الدِّقة.. أين الحدس الصحفي؟ وأين شبكة العلاقات التي تساعد على اختبار الحقيقة.. القيمة التسويقية للكمية المُعدَّة للتهريب، تلامس “12” مليار دينار، وهو رقم يُعادل الميزانية التسييرية لليبيا مرتين.. ثمّ إن حمولة طائرة مثل الإيرباص، لا تتجاوز في أفضل حالاتها “18” طنًّا، هذا غير مناولتها داخل المطار..! مصلحةُ الجمارك، المُتَّهمة بالضلوعِ في عملية التهريب، نستطيعُ أن نقول فيها، وعليها ما نشاء، ولكن هذا لا يبرر أن نقول غير الحقيقة، والحقيقة بدقّة.. ويقول الله: (ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا).. فالقصةُ هي تصديرٌ مؤقت بتراخيص قانونية من الاقتصاد والتجارة لإعادة تصنيع الذهب، وتوريده.. الكمية ليست كُتلة واحدة، إنما تراكمية لعدّة أعوام، بنحو “25” طنًّا ونصف الطن،.. العائد من الكمية إلى ليبيا “24” طنًّا، أو أزيد، والباقي تحت التصنيع.. فلا تهريب، ولا ثلاثة أرباع، ولا مهنيّة..