منصة الصباح

جودة الأدوية ومخاوف الليبيين

أحلام محمد الكميشي

تتكرر في فضاءات التواصل الاجتماعي مقارنات بين أسعار بعض الأدوية في ليبيا ونظيراتها في دول الجوار وغيرها، والدواء في بلادنا غير مدعوم ويباع وفقًا لسعر الدولار في السوق الموازية، في حين أن شركات الاستيراد تحصل عليه بالاعتمادات المصرفية بالسعر الرسمي. يضاف إلى ذلك أن بعض الأدوية يصل عبر التهريب، مع شك في جودة النقل والتخزين.

هذا يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة: ما القيمة الدوائية الفعلية لكل منتج يُباع على أرفف صيدلياتنا؟ وهل لدينا القدرة على التحقق من التركيبة الكيميائية لكل دواء عبر تحاليل متقدمة مثل مطياف الكتلة والكروماتوغرافيا، للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية العالمية؟ وإذا كانت المختبرات والمعدات موجودة، فهل يُجرى مثل هذا التحقق على كل شحنة يستوردها القطاعان العام والخاص؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب، فلماذا يختلف سعر الدواء نفسه من صيدلية إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، وهو في النهاية أقل من سعره في دول أخرى؟

على أرفف صيدلياتنا أدوية من جل بقاع الأرض، بينما يظل الدواء الوطني مفقودًا. في المقابل، هناك دول تخطط للاكتفاء الذاتي بحلول 2027، ثم التوجه للتصدير بحلول 2030. أما نحن فقد استوردنا خلال عام 2024 ما بين 4-5 مليارات دولار من الأدوية، مقارنة بنحو ثلاثة مليارات في 2023، التي تجاوز فيها حجم الأدوية منتهية الصلاحية 100 ألف طن بحسب تصريحات رسمية، ومنها أدوية أورام رغم معاناة المرضى من نقصها!

قد يكون من الترف أن نتوقع توجه بلادنا للتصنيع الدوائي قريبًا، بما يخفف فاتورة الاستيراد ويفتح رافدًا جديدًا للدخل الوطني، لكنه ليس ترفًا المطالبة بتطوير خط دفاع أول يحمي المواطن، مهمته غربلة كل ما يتم استيراده من غذاء ودواء، لا بالعين المجردة، ولا بشهادة التحليل من دولة المنشأ، بل بقدرات مختبرات وطنية علمية حديثة تضاهي ما هو موجود في أمريكا وأوروبا، فالبيانات المعلنة لنا عن رفض الشحنات لا تتضمن نتائج مختبرية كيميائية مفصلة، بل تركز على الملاحظات الشكلية، في حين تكيل كثير من الشركات بمكيالين: جودة عالية للأسواق المتقدمة التي لا تساوم على صحة مواطنيها، وجودة أدنى لأسواق العالم النامي الذي يتبنى ثقافة (اللي ما يقتلش يسمن)، والمفارقة أن السمنة نفسها أصبحت تُصنّف مرضًا، بل سببًا رئيسيًا لأمراض مميتة.

شاهد أيضاً

مركز البحوث الجنائية يوسّع شراكاته الدولية لتعزيز قدراته في مكافحة الجرائم

مركز البحوث الجنائية يوسّع شراكاته الدولية لتعزيز قدراته في مكافحة الجرائم

يواصل مركز البحوث الجنائية والتدريب تنفيذ برامجه ضمن خطة التعاون الفني الدولي، في إطار استراتيجيته …