منصة الصباح

غرائبُ المبدعين

جمعة بوكليب
زايد…ناقص

كان الرسامُ الفرنسيُ “بول غوغان” مُنهكاً من مرض السفلس، ضعيف البنية، مُتقرّح الساقين، ومضبب الرؤية، لدى وصوله في العام 1902 إلى جــــــــــــــــزيرة ” المركيزات.” كان حلمه أن يصلها، ولم يتحقق ذلك إلا في آواخر أيامه.

في تلك الجزيرة النائية والصغيرة، بَنى بيتَه، وأطلق عليه اسم “بيتُ المتعة.” الاسم من اختيار صديقه الرسام الهولندي الراحل “فنسنت فان غوخ” والذي كان يحلم بتأسيسه في بلد بدائي لم تفسده الحضارة. و”غوغان” حوّل الحلم إلى حقيقة.

كان “بول غوغان” طوال حياته مهووساً بالنساء. وبعد مغادرته “تاهيتي”، اكتشف أن النساء في جزيرة “المركيزات” أجمل من نظيراتهن في “تاهيتي.” ذلك الحكم، كان مصدر ضحك لمن كانوا حوله من أصدقاء سبقوه إلى العيش في الجزيرة.

فهم، على عكسه، كانوا يرون النساء بعيونٍ لم يَنلْ منها السفلسُ اللعين. ويضحكون كلما أعاد “غوغان” على مسامعهم رأيه في جمال نساء الجزيرة. كانوا يقولون له إن ضعف بصره السبب وراء فساد حكمه. وأن نساء جزيرة” المركيزات” قبيحات إلى أبعد حد. إلا أن “بول غوغان” لم يأبه لذلك. وكان يرد عليهم بقوله إن “الفنان لا يبحث عن موديلاته في العالم الخارجي، وإنّما في الذاكرة، في العالم الخاص والسرّي الذي يمكن تأمله بالوعي.”

خلال قراءتي مؤخراً لرواية” الفردوس على الناصية الأخرى” للروائي البيروي “ماريو فارغاس يوسا”، استوقفتني الجملةُ أعلاه. وجعلتني أتذكر المرحوم طه حسين في سيرته “الأيام.” كان كفيف البصر، إلا أنّه في ذلك الكتاب السيروي ينقل إلى القرّاء تجربة إنسانية معقدة، تروى سيرة صبيّ أصيبَ بالعمى في سنّ مبكرة.

طه حسين في سيرته، كان يعتمدُ على الذاكرة والوعي. ويصفُ عوالمَ يعجز مبصرٌ على وصفها. واستنتجُ من ذلك، أن “بول غوغان” لم يكن يفتري على أصدقائه. السؤالُ حول مدى قدرته بصرياً على رؤية ومزج الألوان، تكفلت بالإجابة عنه اللوحات، التي رسمها وتركها في تلك الفترة المؤلمة من حياته.

شاهد أيضاً

ضبط شخص يقوم بترويج المؤثرات العقلية ومخدر الحشيش بزوارة

تمكنت دوريات قوة دعم المديريات المنطقة الغربية بمكتب زوارة، من ضبط شخص يقوم بترويج المؤثرات …