منصة الصباح

ثَلاثُ حكايات

ثَلاثُ حكايات

جمعة بوكليب

1

الأمطارُ الرعدية تأتي فجأة. تبدأ ببروق، يليها هديرُ رعود مرعبة، ويعقبها هطول أمطار غزيرة، كفيلة باغراق شوارع مدينة. وما حدث مؤخراً لموقع السقيفة الليبية كان لا يختلف كثيراً. إذ من دون سابق إنذار، أعلن صاحبها الصديق حسن الأمين اغلاقها نهائياً.

الخبرُ بمثابة نعي بوفاة صديق عزيز، كان في اليوم السابق في أحسن حالاته الصحّية. لا أحد يعرف الأسباب التي دفعت حسن الأمين إلى فعل ما فعل، في لحظة غضب أو يأس، لا فرق. قبل أسبوع تقريباً من الإعلان- النعي، كنتُ ضيفاً عنده في مقر إقامته بتونس. وخلال أحاديثنا التي كانت لا تتوقف، أعلمني أنه في سبيل تجديد موقعي السقيفة وليبيا المستقبل. وأن هدف الخطة الجديدة التركيز على المادة الثقافية وحقوق الانسان، والتوقف عن متابعة الشؤون السياسية. ولذلك، صرت أترقب الصورة الجديدة للسقيفة الليبية، بأعتبارها، في رأيي، أهم منبر ثقافي ليبي، تمكن خلال سنوات لا تتجاوز الست، من تقديم متابعة رصينة وجميلة للشأن الثقافي الليبي في كل مناطق ليبيا وخارجها. فإذا بي أفاجأ مع غيري بقراره المثير للدهشة والحزن معاً. ولا أظنني أذيع سرّاً، إذا قلت أنني أخشى أن يلحق نفس المصير بموقع ليبيا طيوب، إذا استمر التجاهل الرسمي للثقافة على هذا المنوال.

المواقع والصحف والمجلات الثقافية العربية عموماً، والليبية خصوصاً، قصيرة العمر، نتيجة ما تلاقيه من تجاهل وعداء من الجهات الثقافية الرسمية. ولأن القائمين على تلك المنابر الثقافية، لا يملكون سوى حبهم للثقافة والأدب، وليس في حساباتهم المصرفية ميزانيات، كالتي تمنح لوزارات الثقافة.

وداعاً للسقيفة الليبية، وشكراً جزيلاً لصاحبها الصديق حسن الأمين على ما قدمه للثقافة الليبية خلال ست سنوات متواصلة، من جهد ورصد ومتابعة وتوثيق يومي. ومن حقه أن يستريح للاهتمام بشؤونه وشؤون أسرته. ترى من منّا سيجرؤ على ملء الفراغ الذي تركه لنا؟

2

خلال الأيام القليلة الماضية، تابعتُ، على الانترنت، برنامج الاحتفاء بالشاعر الصديق مفتاح العماري في طرابلس، ضمن فعاليات برنامج ليالي المدينة.

الاحتفاءُ كان بهيجاً ورائعاً، وغير معهود. العادة جرت أن يتم الاحتفال بأدبائنا وبشعرائنا وكتّابنا عقب وفاتهم وليس قبل. الصديق الكاتب والصحفي بشير زعبيه كان أول ما تفطن لهذا الأمر، وبادر بكتابة عدة مقالات مميزة، نشرها على صفحته في الفيس بوك، يحتفي بها بالعديد من الكتّاب الليبين الأحياء. وفي حديث هاتفي قصير دار بيننا، أذكر أنني شكرته على مبادرته. وكان رده بسيطاً وقصيراً وواضحاً: لماذا ننتظر موت كتّابنا لنحتفل بهم وبابداعاتهم؟ أليس من ألأفضل ان نقوم بذلك وهم أحياء يرزقون؟

شكراً لكل من فكر في اقامة الامسية الاحتفالية، بواحد من أجمل ما أنجبت ليبيا من شعراء. وشكرا لكل من شارك فيها، ولكل الذين حضروها. والشكرُ موصولٌ أيضاً لكل من تجشّم عناء توصيلها عبر الانترنت، إلى محبّي الشاعر وأصدقائه داخل ليبيا وخارجها. وأتمنّى على الله أن يَمُنّ على صديقنا الشاعر العماري بالصحة والعافية والسعادة، ومواصلة مشواره الابداعي.

3

” الباب اللي تجيك منه الريح سكره واستريح”، هذا ما يقوله مثل شعبي قديم. المشكلة أن الباب لكي يحقق ذلك الهدف، ويتمكن من اداء المهمة، لابد أن يكون جيداً، وليس قديماً بالياً مليئاً بثقوب وشقوق. ، لأنه لو يكن كذلك، “بلاش منه خير.” الاسوأ من ذلك، أن يكون الباب جديداً وموصداً، لكن الريح المفترض الهروب منها تعبث داخله، وبيدها مفاتيحه!

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …