الكاتب/ عبدالرزاق الداهش
قطاعنا الصحي العمومي ليس بخير، وهذه يقولها حتى من يديرون هذا القطاع.
وهذا لا يعني أن الخصوصي على “سنجة عشرة” كما يقول اخوتنا في مصر.
والمثير في القصة أن الأرقام محيرة خاصة في ما يتعلق بنصيب الفرد من الخدمة.
في الأردن هناك 1،5 سرير لكل ألف مواطن، أما في مصر فالمعدل لا يتجاوز 1،2 لكل ألف مواطن.
بينما في تونس التي نتوجه له حتى بسبب نزلات البرد فالنسبة هي 2،2 لكل ألف مواطن.
والغريب أنه في ليبيا التي يعالج عدد من مواطنيها في هذه الدول الثلاثة تصل النسبة إلى 3،2 لكل ألف مواطن.
وأحد الغرائب أنك قد تذهب إلى مدينة طبية بحجم طرابلس الطبي، ويقول لك عامل الريسبشن: “ما فيش سرير”.
الموضوع ليس عدد المستشفيات، وحصة المواطن في عدد الأسِرة، والمسوحات الإحصائية من هذا النوع.
فما الفائدة من مركز طبي متعدد الأبراج وأمامه سيارة اسعاف تقلك إلى اول عيادة في مدينة جرجيس.
ولعل الكوميدي في الحكاية أن تلك العيادة تتكون من أربعة حجرات وحمام، ومطبخ، ووسط “حوش” تم تحويره كإستعلامات.
جودة الخدمة ليس بالبنيان، بل بالإنسان، اقصد من يعمل، ومن يدير.
هناك تراجع مخيف في أداء قطاع الصحة العمومي رغم حجم الإنفاق.
ولأن المرض يأتي بلا موعد استهلكت العائلات الليبية مدخراته للعلاج في القطاع الخصوصي، الذي ليس الأفضل من حيث الجودة.
والمشكلة تبدأ من التعليم الذي خرج لنا 15 ألف طبيب أسنان واغلق معاهد التمريض.
والمشكلة أيضا في ثقافة مرتب الدولة، (زيادة المرتبات وإيقاف الصرف على السمعات الطبية، وجهاز قياس الضغط وباقي الكماليات)!
والمشكلة في زواج غير شرعي بين القطاع العمومي والخصوصي تكفل العمومي بدفع مهر هذا الزواج من لحمه، ودمه، وأطرافه.
الصحة هي حياة الناس وراحتهم، وليس تجارة، وبزنس، ولابد من ضبط العلاقة غير السليمة بين القطاعين.
ولعل الحل في نظام صحي يحقق جودة أفضل، بنفقات اقل، وتنافسية نظيفة، ورقابة صارمة.