بقلم : يحيي الجربي
في ليبيا، التناقضات طافحة لمن يرى ، وغير موجودة لمن ينظر للخلف.
الصيام بلا صلاة ، غض البصر عن المتسولين وعدم الغض عن غير المحجّبة، شتم تونسيون لايريدون الصيام من قبل صائم سكران قبل رمضان بيومين، تعزية فقراء في ميتهم مع عدم تفقد أحوالهم قبل موت ميتهم.
هذه كلها تناقضات، ولكن الفكرة، أنها ليست تناقضات بسبب الجهل، أو على الأقل ليس الجهل الذي تعودنا عليه.
قد يبدوا الجاهل قبل عصر العولمة هو شخص لايملك الكثير من المعلومات، أما هنا؛ فإن جهلنا تشخيصه واضح؛ ودواءه خاطئ ومميت كالسم نفسه.
إننا شعب يتلقى كله التعليم المجاني، ولكن لأحد يبدوا متعلما بالمقاييس الصحيحة، ذلك أننا لانفتقر للمعلومات، فجاهل ليبيا ليس فارغ الدماغ، بل مملوء الدماغ بمفاهيم خاطئة حتى حافة دماغه.
لقد وصف الرسول عليه الصلاة والسلام المشركين في مكة بالجاهلية ، ونسبة المتعلمين في مكة اكثر من يثرب، والنبي نفسه كان لا يقرأ ولا يكتب، لأن الجهل ليسة أميةً ولا معلومات غزيرة، بس مفاهيم خاطئة ظنوا أنها صحيحة ، هي بوصلة تشير للجنوب ولكن الناظر لايعرف الشمال من الجنوب ، فسار شمالأً .
أكثر البشر يقرؤون ويكتبون ، ولكن هذا لايرفع عنهم صفة الجهل بقدر مايرفع المتعلم القبعة لثقة الجاهل بقدراته العقلية، ومفاهيم مثل الأرض المسطحة في مجتمع تعليمه مجاني أول إشارة لزيادة عدد من يكتب ويقرأ وزيادة مفرطة في عدد الجهلة الذين يقرؤون ويكتبون.
وإيمان من يملك الدكتوراة بخرافات أجداده ووضعهم مقياس لقوانين الفيزياء هو ايضا جهل لنفس الشخص الذي يحمل الدكتوراة ويعبد بقرة في الهند؛ الجهل ليس نقيض المعرفة ، المعرفة نقيضها العادات والتقاليد، والجهل نقيضه تصحيح المفاهيم .
السيارة قد تسير ايضا بالبنزين، ولكن إذا سارت في الإتجاه الخطأ فذلك يعني فقط أنه السائق يعرف الطريق الخطأ.