منصة الصباح

تدمير‭  ‬الأوطان( 1ــ2‭

‭ ‬

بقلم /إبراهيم‭ ‬تنتوش

سبق‭ ‬وأن‭ ‬أشرت‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬وطني‭ ‬الجريح‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬العقول‭ ‬المؤجرة‭ ‬وأسهبت‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬لضياع‭ ‬الأوطان‭ ‬لأنهم‭ ‬باعوا‭ ‬وسلموا‭ ‬عقولهم‭  ‬لأصحاب‭ ‬الأجندات‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬لاهم‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬تدمير‭ ‬الوطن‭ ‬وتمزيقه‭ ‬بالكامل‭ ‬ونشر‭ ‬العداوات‭ ‬بين‭ ‬أبناءه‭ ‬ليبقى‭ ‬العداء‭ ‬متأصلاً‭ ‬بينهم‭ ‬جيل‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬نحاول‭ ‬التعريج‭ ‬على‭ ‬المعادلة‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬أصحاب‭ ‬تلك‭ ‬العقول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلوا‭ ‬إليه‭ .‬
إذا‭ ‬كُنَّا‭ ‬نحن‭ ‬ننام‭ ‬فأعداء‭ ‬الأمة‭ ‬لاينامون‭ ‬بل‭ ‬يمكرون‭ ‬الليل‭ ‬والنهارمن‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامهم‭  ‬وطموحاتهم‭ ‬التي‭ ‬لاتتحقق‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬خيرات‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬واخضاعها‭ ‬تحت‭ ‬سيادة‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬قد‭ ‬تغيرات‭ ‬المعادلات‭ ‬القديمة‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬العسكرية‭ ‬كوسيلة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬ماتصبوا‭ ‬إليه‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭ ‬وأصبحت‭ ‬تبتكر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬مختلفة‭ ‬خبيثة‭ ‬عملوا‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬وسخّروا‭ ‬لها‭ ‬الوسائل‭ ‬المناسبة‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬ونجحت‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬المحددة‭ ‬في‭ ‬أهدافهم‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭ ‬التابعة‭ ‬للبلدان‭ ‬التي‭ ‬يُراد‭ ‬نهب‭ ‬خيراتها‭ ‬ونمت‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مراحل‭ ‬وأهمها‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬هدم‭ ‬وتدمير‭ ‬منطومة‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭  ‬أيقنوا‭ ‬بأنهم‭ ‬إذا‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬فيصبح‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬التحكم‭ ‬فيه‭ ‬وتوجيهه‭ ‬إلى‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬تريده‭ ‬منه‭ .‬
وفتحوا‭ ‬مراكز‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتخصصة‭ ‬لكل‭ ‬قوم‭ ‬ومجتمع‭ ‬ومعرفة‭ ‬ماهي‭ ‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬يتقوى‭ ‬بها‭ ‬وهي‭ ‬مصدر‭ ‬قوته‭ ‬ووحدته‭ ‬وبالتالي‭ ‬عملوا‭ ‬دراساتهم‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬هدم‭ ‬تلك‭ ‬المصادر‭ ‬لذاك‭ ‬المجتمع‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬دراساتهم‭ ‬وجدوا‭ ‬أن‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭  ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬مكون‭ ‬اجتماعي‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬ذاك‭ ‬المجتمع‭ ‬وعليه‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬هدمها‭ ‬ومسخها‭ ‬وأفراغها‭ ‬من‭ ‬محتواها‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬في‭ ‬تقديراتهم‭ ‬أن‭ ‬تدمر‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬سنة‭ ‬وتصل‭ ‬رلى‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬فيقولون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬كافية‭ ‬لتدمير‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬مستهدف‭ ‬احتلاله‭ ‬وقد‭ ‬يتسأل‭ ‬البعض‭ ‬لماذا‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬بالتحديد‭ ‬؟‭ ‬فالجواب‭ ‬يقوله‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬أن‭ ‬مدة‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬مدة‭ ‬كافية‭ ‬لتنشئة‭ ‬جيل‭ ‬وتعليمه‭ ‬وترسيخ‭ ‬المفاهيم‭ ‬المراد‭ ‬نشرها‭ ‬فيه‭ ‬منذ‭ ‬الولادة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬درجة‭ ‬البلوغ‭ ‬الكامل‭ .‬
‭ ‬ولكي‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬لابد‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬تدمير‭  ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ .‬
إذن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬تتمكن‭ ‬تلك‭ ‬الأيادي‭ ‬الخفية‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تربية‭ ‬وتنشئة‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الولادة‭ ‬إلى‭ ‬سن‭ ‬البلوغ‭ ‬والنضج‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬البديلة‭ ‬والمبتذلة‭ ‬الرخيصة‭ ‬التي‭ ‬لاتمت‭ ‬إلى‭ ‬دين‭ ‬ولاعرف‭ ‬ولاعادات‭ ‬ولاتقاليد‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬لإشباع‭ ‬الغرائز‭ ‬البهيمية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬ميعار‭ ‬ترجع‭ ‬إليه‭ ‬إلا‭ ‬هوى‭ ‬النفس‭ ‬ويتم‭ ‬ترسيخ‭ ‬هذه‭ ‬الأخلاق‭ ‬الرخيصة‭ ‬في‭ ‬عقلية‭ ‬ذاك‭ ‬الجيل‭ ‬ليتكون‭ ‬المجتمع‭ ‬المراد‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬وتتشكل‭ ‬رؤيته‭ ‬وعقيدته‭ ‬وشخصيته‭ ‬المطلوبة‭ ‬لهم‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬نسف‭ ‬المـجتمع‭ ‬الأصلي‭ ‬وطمس‭ ‬هويته‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ .‬

 

شاهد أيضاً

مغارة كاباو..

اكتُشفت مغارة كاباو حديثاً وبالصدفة.. وتقع في إحدى نواحي مدينة كاباو تسمى “الخنقة”.. وتقع مدينة …