منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
تحقيق : إبراهيم الحداد
في قلب الصحراء الليبية، وبالقرب من واحة ودان في الجفرة شمال فزان، حيث الرمال والطاقة والمياه تُعد من الأغزر في إفريقيا، لا يُقام سباق سيارات عادي، بل يُقام مهرجان “تي تي” الصحراوي. وقد سُمي الرالي تيمناً بجبال “تي تي” الرملية الشاهقة التي تمنح السباق هويته الوعرة والمميزة، مجسداً نداء المغامرة والعودة للطبيعة في تعاضد ليبي يعبر عن الروح المتحدية والمغامِرة.
بدأ الرالي مسيرته الطموحة عام 2008، ورغم توقفه سنوات عدة، إلا أن عودته اليوم تؤكد إصرار الليبيين على الاحتفاء بالروح الرياضية، ليصبح عمره قرابة العشرين عاماً. في دوراته الأولى كان الحدث حلماً يراود شباب ودان، اعتمدوا فيه على مجهوداتهم الذاتية مستخدمين سياراتهم الخاصة وبعضاً من مصروفهم الشخصي، في تكلفة لم تتجاوز بضعة آلاف من الدنانير. أما اليوم، وبعد سنوات من التعثر، فقد تضاعف حجم المشاركة بشكل لافت، حيث استقطبت الدورات الأخيرة نحو 67 مجموعة من المتنافسين المحليين والأجانب، بسيارات ودراجات مُعدّلة بأعلى المواصفات لتحدي الكثبان.
القفزة في التكاليف كانت صاروخية، وإن لم تُعلن رسمياً، إلا أنّ حجم التجهيزات وقيمة الجوائز يشير إلى أنها تفوق 50 مليون دينار ليبي، حيث بلغت الجائزة الكبرى في بعض النسخ مليون دينار. ويتم تأمين هذه الميزانيات عبر رعاية الشركات الكبرى، فيما تتولى الإعداد لجنة منظمة وطنية مدعومة من جهات رسمية ونشطاء من أندية السيارات والرحلات.
تي تي ليبيا يطغى على تي تي بريطانيا في محركات البحث العالمية..
تشابه الاسم يفرض تحدياً عالمياً عند الحديث عن “رالي تي تي”. ففي ليبيا يمثل “تي تي” الصحراوي رمزاً للتحدي في الرمال، بينما يحمل رالي آخر في بريطانيا اسم “آيل أوف مان تي تي”، وهو سباق عالمي شهير للدراجات النارية.
الفارق بينهما واسع:
تي تي ليبيا (ودان – الجفرة):
تحدي رمال وكثبان وعوائق طبيعية.
سيارات دفع رباعي ودراجات نارية معدلة.
اسمه مرتبط بجبال تي تي الرملية.
الأكبر في إفريقيا ويعتمد على التضاريس الطبيعية.
آيل أوف مان (بريطانيا):
سرعة قصوى على طرق ضيقة.
دراجات نارية فقط.
الاسم اختصار Tourist Trophy.
أخطر سباق عالمي بسبب المنعطفات القاتلة.
تي تي… فرصة لدخول عالم السياحة البيئية..
يتجاوز “تي تي” كونه سباقاً، ليصبح كرنفالاً وطنياً يستقطب سياحاً من الخليج والجزائر وتشاد وإيطاليا. ويساهم في تنشيط الحركة التجارية داخل مدن الجفرة، وتحويل الواحات إلى وجهة سياحية تزدهر فيها الفنادق والمطاعم والمخيمات المؤقتة، مقدماً نموذجاً مصغراً لاقتصاد محلي مستدام يعتمد على الفعاليات الكبرى.
تي تي… يطرد الحيوانات!…
لكن للسباق ضريبته البيئية. فالمخلفات، والزيوت، والإطارات التالفة، والحركة الكثيفة للمركبات تسببت في تآكل التربة وتشتيت الحياة البرية وفرار الحيوانات أثناء موسم تزاوجها، ما يهدد بانقراضها أو هجرتها. كما تستوطن المنطقة مخلوقات تتغذى على الفضلات.
هذا التحدي يفرض على اللجنة المنظمة ضرورة إدماج المعايير البيئية العالمية، ووضع خطط مستدامة وتعويض الأضرار.
فدمج الأبعاد البيئية والاجتماعية هو ما سيرفع بالرالي من مجرد سباق شعبي مغمور إلى حدث عالمي يفتخر به الليبيون ويدعم السياحة والتنمية المستدامة.
