منصة الصباح

بين الإهمال والتأويل والبيروقراطية

كتبت : فتحية الجديدي

عرّف المتخصصون الإعلام  بأنه بشكل عام كشف للحقائق ورصدها وصناعتها  من خلال الطرح والنشر, سواء بالمناقشة أو بالتحليل، حيث يتناول الإعلام الثقافي كافة القضايا المجتمعية  بمنظور ثقافي من خلال تأثيرها  على الثقافة ومدي تأثر الثقافة بمحتواها ومجرياتها ونتائجها أيضا.

ووفقاً لهذا التعريف, فقد بدا واضحا خلال هذه المرحلة والظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا  وجود فجوة بين المواطن والثقافة, وعدم وجود قارئ جيد , وربما تكون المؤسسة الثقافية هي المسؤولة عن ظهور هذه الهوة السحيقة والهوة , بإبعادها المواطن عنها , فارضة حالة من القطيعة بينها وبينه, الأمر الذي جعل الثقافة نخبوية بدل أن تتسع رقعتها بمشهدها العام.

كما أن تدني المستوى الثقافي لدى مسيري المؤسسة الثقافية والمسؤولين عنها له  انعكاس سلبي على الواقع الثقافي عامة وخضوع المؤسسة الثقافية للبيروقراطية المقيتة وتحول الإدارة للمسيطر الوحيد على الإبداع , مما جعل الأمر مربكا كما حدث سابقا في قضايا النشر وعدم إتاحة الإمكانات اللازمة لذلك.

وكل ما سبق من عوامل وأسباب وقف عائقاً حيال وجود إعلام ثقافي يرتقي لمستوى حاجة الناس لهذا التخصص من التغطية الكاملة للمشهد الثقافي العام , وما يمكن أن يسهم  في نشر الوعي وزيادة المعرفة وفتح أفق التفكير والخوض والتحليل للمهتمين والمتطلعين.

إن الفصام الذي حدث بين مؤسستي الإعلام والثقافة وعدم وجود انسجام بينهما وعملهما بعيداً عن كونهما مؤسسة مشتركة والخوف من كيفية الطرح أحيانا له سبب في هجران العديد من الكتاب والأدباء وصغار الكتاب والمهتمين ، كما أن الفهم الخاطئ للمضمون عند بعض وسائل الإعلام وتوظيفه لصالح الخطاب المعتمد لديها أيضا من الأسباب التي اختفى بسببها العديد من النخب، كما قال الكاتب والأديب الليبي الصادق النيهوم يوماً : “سوء الفهم مشكلة لا تتحمل والأسوأ منها إساءة الفهم المتعددة” , فالإسقاط المميت الذي يقضي على الإنتاج الثقافي وعمل  مقص الرقيب كان يوماً هاجس البعض من متناولي الثقافة وممارسيها, وأثر ذلك  على عملهم الأدبي وأقصى وأبخس أعمالهم فيما خدم مصلحة  الرقيب لا غير.

شاهد أيضاً

البرتغال تحتفل بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل بمهرجان السريالية

وهو التحول السلمي للبلاد من إحدى أطول الحكومات الاستبدادية في أوروبا إلى الديمقراطية. كانت ثورة …