لا تكن المسافة بين مرشح للرئاسة التونسية، ومرشح اخر الا بضع سنتمترات، فلا سواتر ترابية، ولا متاريس، ولا خنادق.
اصطفوا جميعا على مسافة متساوية بعضهم، وكأنهم في مسابقة معلومات عامة، من تلك التي تنظمها الكثير من القنوات خلال شهر رمضان.
لا احد رفع بندقيته على الآخر، ولا يده على الاخر، ولا حتى صوته، في أمسية قصصية، وليس اشتباك سياسي حول قصر قرطاج.
لم يخرج أيا منهم بأطروحة أنا ومن بعدي الطوفان، أو بخطاب أنا أو لا احد.
كان السؤال الأساسي هو ماذا لو صرت رئيسا لتونس، والذي توزع على أسئلة فرعية حول ملفات متعددة تتعلق بالصحة، والزراعة، والجيش، وحماية البيئة، وباقي مشتقات الشأن العام.
حاولت الاعلامية منشطة المناظرة ان تنقل مشاغل الناس، وأسئلتهم، إلى كل مرشح، أو كل متقدم لوظيفة رئيس الدولة.
سوف يحاول كل مرشح ان يكسب قلوب الناخبين لانهم هم الحكم الحقيقي، في ساعة الحقيقة عندما يكونوا في تلك الخلوة الشرعية مع صندوق الانتخابات.
سينتهي لعبة الكراسي هذه، بوصول شخص واحد لقصر قرطاج، بينما يعود الباقي إلى أنفسهم يفتحون عليهم سؤال لم تطحه منشطة المناظرة: لماذا أخفقت؟
لا كم قتيل؟ ولا كم جريح؟ ولا كم نازح؟
صحيح سوف يخسر خمسة وعشرين مرشحا السباق على رئاسة تونس ولكن في الحقيقة لم يخسروا لانهم كسبوا تونس؟
فمتى نحاول نحن في ليبيا العمل من اجل كسب ليبيا، بلا حروب، بلا ضغينة، بلا أكفان.
فاتورة ليبيا ليست عالية، وليست باهظة، لا تكلفنا الا حبها.
أما المناظرات على الطريقة الليبية فواتيرها دم ليبي، حتى وليس دمنا.
بقلم . عبدالرزاق الداهش