منصة الصباح

بعيدا عن دكاكين التدريب

بالحبر السري

علي الدلالي

___
تواجه معظم المؤسسات الليبية، حتى لا نقول جميعها، تحديات كبيرة ومعقدة في مجال تنمية الموارد البشرية والفنية وتطوير القدرات والمهارات ومواكبة تسارع وتيرة ثورة المعلومات والاتصالات، ما دفعنا إلى التأكيد في مقال سابق على أهمية بناء مدينة للعلوم في ليبيا.
سُعدت يوم السبت الماضي بحضور حفل إفتتاح قاعة الأخبار الجديدة في وكالة الأنباء الليبية، وما أسعدني أكثر أن هذا الحدث، علاوة على تهيئته لفضاء مريح وحديث للعاملين، يأتي ضمن خطة طموحة وواعدة لتطوير العمل الصحفي والفني والإداري في هذه المؤسسة الإعلامية العريقة على أسس مهنية، خطة تحمل معها شيئا من الأمل، نحن في أمس الحاجة إليه في هذا المنعطف الخطير من تاريخ بلادنا، أمل يعيد إلى ليبيا جمالها والإبتسامة إلى شعبها.
إن وكالة الأنباء هي المدرسة الأم لصناعة الخبر الذي تقوم عليه “صاحبة الجلالة”، إذ بدون التمكن من كتابة الخبر لا يمكن لأي صحفي أن يكتب العمود والمقال والتحقيق والقصة الصحفية. يقول الكاتب الصحفي الكبير، الأستاذ بشير زعبية في هذا الخصوص : كل الأحداث صغرت أم عظمت، بدايتها خبر، إن كنت تغطي اختيار ملكة جمال، أو اندلاع حرب ضروس … فكل ما كتب عن الحربين العالميتين بملايين ضحاياها، ودمارها الرهيب، وشهرة قادتها، بدأ بخبر صغير يقول :«أطلق شاب صربي النار اليوم، على ولي عهد النمسا الأرشيدوق، فرانتس فرديناند، بينما كان على متن عربة مكشوفة في أحد شوارع سراييفو، رفقة زوجته، فأرداه قتيلا، وأصاب الزوجة…».
لم تعد الأنظمة القديمة المتعلقة بالمهن قادرة على استيعاب التطور الهائل في كافة المجالات وبالتالي أضحى التدريب المستمر والمنظم ضرورة ملحة ولازمة لتمكين العنصر البشري من مواكبة هذا الفيضان في فورة الوسائل والأدوات والمعلومات، إلا أنه يتعين علينا أن نكون حذرين من مشاكل التدريب وهي عديدة أبرزها تلك الدكاكين المنتشرة سواء في الداخل أو الخارج لتسويق الوهم، وترفُع “القديم” عن التدريب بسبب الخوف متوهما أنه بلغ مبلغ العلم، وكذلك حرص “القديم” على محاربة الجديد وعرقلته.
كنت شاهد عيان على مؤسسة أرسلت مجموعة مختارة من موظفيها للتدريب في دولة عربية لمدة سبعة أيام منها يوم للسفر وآخر للعودة ويوم للراحة ورابع للتبضع وآخر لزيارة معالم المدينة وعاد الموفدون كما ذهبوا …!!!
ومن هنا يتعين في اعتقادي على كل مؤسسة تسعى للرقي والتقدم تكوين مجموعة للتفاكر(THINK TANKS)، بمعنى مختبر للأفكار يضم مجموعة من الخبراء لوضع استراتيجيات وبرامج للتدريب وإنتاج الدراسات اللازمة وتقديم المقترحات الفعالة والقابلة للتطبيق محليا بهدف تنمية وتطوير الجوانب المعرفيّة والعلميّة والمعلوماتيّة، وطرق التفكير والمهارات لدى المتدرب أو مجموعة المتدرّبين، وتجنب اللجوء إلى دكاكين تسويق الوهم، محليا وخارجيا، والتي هي في الواقع مفسدة لنهب المال العام.
في مجال صاحبة الجلالة الذي يهمنا علينا أن نتساءل بهدوء كم من الدورات التدريبية تم تنظيمها محليا، وكم من الدورات تم التعاقد عليها في الخارج، ويبقى السؤال الأبرز: ما هي النتائج التي حققتها تلك الدورات…؟ الجواب ليس في حاجة إلى الكثير من العناء!!!

شاهد أيضاً

النيابة تحرك الدعوى العمومية في مواجهة مسؤولي إنشاء عنفات الرياح الكهربائية بدرنة

  أصدر مكتب النائب العام اليوم الاربعاء قرارا بحبس رئيسين سابقين في جهاز الطاقات المتجددة …