تدخل جائحة كورونا شهرها الخامس وهي مستمرة في انتشارها وحصدها للأرواح, فارضة على معظم بلدان العالم إجراءات احترازية غير مسبوقة, تسببت في إنهاء معظم معالم الحياة العصرية.
ولا يعد هذا الأمر سابقة في التاريخ البشري, فالفيروسات التابعة لعائلة كورونا تسببت في عدة مرات في انتشار للوفيات, ومنها السارس و(الميرس) الأقل شهرة والمتسبب في متلازمة الشرق الأوسط التنفسية, وإن كان كوفيد 19 أسرع انتشارا وأكثر حدة (وفقا للإحصائيات) من سابقيه.
لكن في المقابل يتوفر لدى البشرية معلومات عن هذا الفيروس الأخير لا تتوفر في بقية عائلته, وهو هدف لعدة أبحاث مختبرية تعمل على إيجاد أدوية وعقاقير تثبطه لقاحات توقف من توسعه.
ويطرح الآن سؤال بسيط في ظاهره, لكن إجابته صعبة جدا هو “ماذا نعرف عن فيروس كورونا؟ .. وإليكم إجابات جمعتها صحيفة الغارديان البريطانية بعد أن استنبطت أسئلة أخرى من هذا السؤال.
– من أين أتى الفيروس ؟ وكيف أصاب الإنسان لأول مرة ؟
ما يعرفه العلماء أن فيروس (سارس كوف 2) والذي سمي لاحقا (كوفيد 19) كان مستوطنا منذ زمن في أجساد الخفافيش, والتي طورت تجاهه قدرات مناعية قوية, اضطر على إثرها أن ينتهج أسلوب التكاثر السريع في محاولته للهروب من تلك المناعة.
ويضيف العلماء, ومنهم إدوارد هولمز البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات بجامعة سيدني الأسترالية, أن وسيطا نقل الفيروس إلى جسم الإنسان ويرجحون حيوان البنغول (آكل النمل) كاحتمال كبير, معتقدين أن أسواق ووهان وفرت تقاربا بين الحيوانين لينتقل (كوفيد 19) لاحقاً إلى جسم إنسان معين قدر له أن يكون الحالة صفر على مستوى العالم, ومنها إلى بقية البشر.
– كيف ينتشر الفيروس بين البشر ؟ وماذا يفعل بعيد دخوله الجسم ؟
الشق الأول من السؤال كان الأكثر تداولا في بداية انتشار الوباء, ويعلمه معظم البشر , فاستنشاق رذاذ المصاب والمحتوي على الفيروس يسبب انتقال العدوى , وكذلك لمس أجسام صلبة ملوثة بالفيروس ثم وضع اليد قرب المجرى التنفسي كذلك.
وبمجرد دخوله يتصل الفيروس بالخلايا المبطنة للجزء الأعلى من القناة التنفسية, معتمدا على مستقبلات على سطح هذه الخلايا متكاملة مع مستقبلاته (المستقبلات هي بروتينات على السطح الخلوي والجدار البروتيني للفيروس) تسمى مستقبل Ace-2 ليتم حقن حمضه النووي (من نوع RNA) إلى داخل الخلية.
وبعد أن يدخل يبدأ هذا الحمض في تكرار نفسه معتمدا على آليات الخلية نفسها منتجا ملايين النسخ منه, ليتسبب في تفجيرها منتقلا إلى خلية مجاورة.
ويتوقف سلوك (كوفيد 19) على مناعة جسم المصاب, فغالبا ما تتغلب الأجسام المضادة على الفيروس دون أن تظهر أعراض عليه, لكن في بعض الحالات قد يتسبب في صعوبات في التنفس تستدعي استخدام التنفس الصناعي وربما الوفاة.
– لماذا يتسبب الفيروس في وفاة بعض حالاته ؟
في بعض الحالات يستطيع الفيروس تجاوز مناعة الجسم والوصول إلى الرئتين التي تحتوي خلاياها على مستقبلات (Ace-2) وعندها ستمتلئ الرئة ببقايا الخلايا المتفجرة بسبب الفيروس, ولابد عندها من إدخال المريض إلى غرفة العناية المشددة.
وفي هذه الحالات قد تهاجم الأجسام المضادة التي أنتجها الجهاز المناعي للمصاب خلايا الرئة بشكل عام, متسببة في التهاب يزداد اضطرادا مع الوقت, ويسمى عاصفة (سيتو كاين), وهو مميت غالباً .. ولا يعلم إلى حد الآن لماذا تتكون هذه العاصفة في بعض المرضى دون سواهم.
– هل تتشكل مناعة دائمة من الفيروس بعد الشفاء منه ؟
يعكف العلماء على دراسة الأشخاص الذين شفوا من وباء كورونا, حيث لاحظوا أن هؤلاء يمتلكون في أجسامهم مستوى مرتفعا من الأجسام المضادة, ما يضمن قدرتهم مستقبلا على مواجهة أية إصابة مستقبلية.
لكن هؤلاء العلماء, وعلى رأسهم مايك سكينر عالم الفيروسات في جامعة لندن لا يعتقدون أن هذه الحماية ستتجاوز السنتين على أقصى تقدير, متأملين أن يتحول الفيروس مع مرور الزمن إلى شكل أقل حدة, ليصبح كالإنفلونزا مثلاً.
– متى ستتوفر لقاحات مضادة لفيروس كورونا ؟
هذا السؤال هو الأكثر انتشارا مع تفاقم خوف الناس من الفيروس وهلعهم من الجوع الذي سيترتب على بقائهم في الحجر المنزلي لفترة طويلة.
وتقول الغارديان أن 78 مشروعا لصناعة لقاح ضد كوفيد 19 هي الآن ضمن مرحلة البحث, بالإضافة إلى 37 محاولة لتطوير لقاحات موجودة فعلا لتكون مؤثرة في القضاء على الكورونا.
لكن هذا الأمر لن يتم سريعا, فإنتاج اللقاحات يمر بعدة مراحل للتأكد من سلامتها وفعاليتها, ولكن العلماء يأملون أن تساعدهم الظروف ودعم الحكومات في تجاوز عقبات الزمن والوصول إلى اللقاح في أسرع وقت, ويحددون نهاية العام كحد أقصى لذلك.
وكالات