الصباح-وكالات
تتجه أنظار الليبيين إلى دور الجزائر وصوتها ورأيها في الأزمة التي يعيشها وطنهم الذي تكالبت عليه القوى الخارجية الداعمة للعدوان على الشرعية، بهدف تقويض الديمقراطية وخيار الدولة المدنية، بعد غياب الجزائر لسنين نتيجة الظروف التي مرت بها خلال الشهور الماضية.
الليبيون لم ينسوا وقفة شعب الجزائر مع المجاهدين الليبيين أثناء حربهم ضد المستعمر الإيطالي، ولا الجزائريون سينسون وقفة الشعب الليبي مع ثورة التحرير في الجزائر، إذ آوى الليبيون مجاهدي الجزائر ومدوهم بالسلاح والتموين.
الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبون قال، في أول خطاب له بعد أدائه القسم القانوني والدستوري رئيسًا جديدًا، “إن الجزائر أولى وأكبر المعنيين باستقرار ليبيا، أحبَّ من أحبَّ وكَرِه من كَرِه، ولن تقبل إبعادها عن الحلول المقترحة في ليبيا”.
وأضاف تبون قائلاً، إننا سنعمل على تحقيق استقرار ليبيا ووحدتها، مؤكدًا دعوة الجزائر لليبيين إلى جمع صفوفهم ونبذ التدخلات الخارجية.
وتعليقا على خطاب الرئيس الجزائري حول ليبيا، أكد وزير الخارجية محمد سيالة، في تصريح للرائد، ضرورة وجود الجزائر في أي حلول سياسية متعلقة بليبيا، مضيفا “لا نتصور أن تُستبعد الجزائر أو تونس من أي حوار يتعلق بالملف الليبي سواء أكان في برلين أو غيرها”.
يقول الكاتب والمحلل السياسي علي أبوزيد، إن الجزائر جار مهم لليبيا، وتربطه بليبيا ملفات مهمة وحساسة تتعلق بالجانب الأمني ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى ملفات تتعلق بالنفط والطاقة، والاستقرارُ في ليبيا سيساعد على العمل في هذه الملفات.
ورأى أبوزيد، أن التطورات والحراك الشعبي الذي يشهده الجزائر جعل السلطة الجزائرية غير مؤثرة في المشهد الليبي؛ لذلك فإن تصريحات الرئيس الجزائري المنتخب مؤشر جيد لإحداث توازن في المشهد مع مصر التي تتدخل بشكل سلبي في ليبيا، خاصةً أن للجزائر ثقلا في جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي.
وأكد أبوزيد أن حضور الجزائر لمؤتمر برلين مع الجارة تونس سيكون له أثر إيجابي في الوقوف مع الشعب الليبي ضد مشروع حفتر الاستبدادي، مطالبًا المجلس الرئاسي بسرعة التواصل مع السلطة المنتخبة في الجزائر لتوثيق التعاون معها.
وقال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله الكبير، إن الحكومة الجزائرية ابتعدت عن الانخراط في الأزمة الليبية لانشغالها بالحراك الداخلي واستغراقها في محاولات احتوائه.
وأضاف الكبير أن الجزائر بعد إكمال انتخاباتها وبعد أن تستعيد فاعليتها الإقليمية ـ ستتحرك في الملف الليبي بقوة؛ لارتباط ما يجري في ليبيا بأمنها القومي ارتباطًا مباشرًا.
وأكد الكبير، أن مصر لا ترغب في مساهمة الجزائر في تسوية الأوضاع في ليبيا؛ لاختلاف الموقفين، كما أن الجزائر لن تقبل اقتراب النفوذ المصري من حدودها الشرقية.
أما المحلل السياسي والعسكري عادل عبد الكافي، فقال إن على المجلس الرئاسي أن يستغل الفرصة بعد انتخاب رئيس جديد للجزائر لعقد تحالف وشراكة سياسية وأمنية معها تمكّنها من لعب دور كبير فى الملف الليبي، خاصة أنها كانت دائما تمارس أدوارا إيجابية وداعمة للاستقرار في ليبيا.
وأوضح عبد الكافي، أن الجزائر دولة كبيرة لها ثقلها الإقليمي والدولي، وتستطيع لعب دور مهم في استقرار ليبيا ومنع التدخلات الإقليمية، والتحالف مع تركيا والجزائر سيكون له آثار مهمة لدعم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا.
وأضاف عبد الكافي “كنا دائما ما نؤكد على ضرورة عقد هذه التحالفات، والآن بعد أن اتخذت الخطوة الأولى باتجاه تركيا يجب الإسراع في تنفيذ الخطوة الثانية بالاتجاه إلى الجزائر، وكلمة الرئيس الجزائرى اليوم تؤكد الموقف السابق للمؤسسات العسكرية والأمنية في الجزائر التي ستلقي بكل ثقلها لدعم الاستقرار فى ليبيا إن وفرت لها سبل التعاون في هذا الصدد”.
ومن خلال موقف الجزائر الذي كان على الدوام واضحًا لا لبس فيه، خاصة أن ماضيها لم يسجل أي تدخل مباشر أو غير مباشر في ليبيا كما فعلت مصر طوال تاريخها الحديث ـ فإن الآمال تظل معقودة عليها للعب دور من أجل كبح جماح تطرف بعض الدول كمصر من خلال الجامعة العربية وبالتعاون مع دول عربية أخرى.