الصباح
شهدت أسواق النفط تراجعًا طفيفًا في تعاملات اليوم الخميس، لتواصل بذلك سلسلة خسائرها للجلسة الثالثة على التوالي، مدفوعة بمخاوف متزايدة من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي واحتمالية الدخول في ركود، الأمر الذي يلقي بظلاله على توقعات الطلب على الطاقة.
وقد ساهمت عدة عوامل في هذا الاتجاه النزولي، أبرزها ظهور مؤشرات قوية على إمكانية قيام تحالف “أوبك+” بمراجعة مستويات الإنتاج وزيادتها في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى بيانات اقتصادية حديثة كشفت عن انكماش في النشاط الاقتصادي للولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى موجة بيع مكثفة خلال الجلسة السابقة، دفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوياتها منذ مارس 2021.
وعلى صعيد الأداء الشهري، سجلت أسواق النفط خلال شهر أبريل أكبر انخفاض لها منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويعزى هذا التراجع الحاد بشكل أساسي إلى تداعيات الحرب التجارية العالمية التي أدت إلى تضاؤل التوقعات بشأن نمو الطلب العالمي على الوقود، تزامنًا مع إشارات إلى احتمال زيادة المعروض في الأسواق.
وفي تفاصيل الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر يوليو 2025 بنسبة هامشية بلغت 0.16% لتستقر عند مستوى 60.96 دولارًا للبرميل. وبالمثل، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم شهر يونيو 2025 بنسبة 0.24% لتصل إلى 58.07 دولارًا للبرميل، وفقًا لبيانات منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى مدار شهر أبريل، تكبد كل من خام برنت وغرب تكساس خسائر شهرية كبيرة بلغت 15.5% و18.56% على التوالي، وهو أكبر انخفاض شهري بالنسبة المئوية منذ نوفمبر 2021.
ويُذكر أن أسعار النفط بدأت في الانخفاض عقب إعلان الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، في الثاني من أبريل عن فرض رسوم جمركية على جميع الواردات الأمريكية، واستمر هذا التراجع الحاد ليبلغ أدنى مستوياته في أربع سنوات بعد رد الصين بفرض رسوم مماثلة على الواردات الأمريكية، مما أوقد شرارة حرب تجارية بين أكبر دولتين مستهلكتين للنفط عالميًا، ولا تزال تداعياتها تلقي بظلالها على توقعات النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة.
التحليل الاقتصادي
يشير استمرار تراجع أسعار النفط إلى حالة من القلق تسود الأسواق بشأن مستقبل الطلب العالمي على الطاقة. فمخاوف الركود الاقتصادي، والانكماش المحتمل في اقتصادات كبرى، بالإضافة إلى التوترات التجارية، كلها عوامل تضغط على توقعات الاستهلاك. كما أن احتمالية زيادة إنتاج “أوبك+” قد تزيد من المعروض في السوق، مما يفاقم الضغوط على الأسعار.
التوقعات المستقبلية
يراقب المستثمرون والتجار عن كثب البيانات الاقتصادية القادمة وقرارات “أوبك+” المحتملة لتحديد اتجاه أسعار النفط في المدى القصير والمتوسط. أي إشارات قوية على تباطؤ النمو أو زيادة الإنتاج قد تزيد من الضغوط الهبوطية، في حين أن أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية أو قرار بخفض الإنتاج قد يدعم الأسعار.