منصة الصباح

بائع اليقظة – الشريف بوغزيل… رسم للخيال ومحكاة الواقع

…..

‎ وفي حضرته هذا البراح المباح الحافل بالتفاصيل ووصف للمراحل، وجانبٍ من رمزية و تفاعل وتخيّل وإن كان كل هذا الدفق المتنوع غير غوغائي في المطلق !!..

‎ولطالما كان الشعر ذكياً.. متقداً.. متجددا عبر حقبه الزمنية المتعاقبة، غذّى العقول وأعطاها المبتغى رآه العشاقّ حلماً في المخيلة، ورآه الحالمون تكثيفاً لواقع يلامس المشاعر وسماء مشرّعة بشموسٍ تبعث بإطلالة مقدم ربيع جبلي ودفء خريفي مستحب.

‎و ما جاء به الشاعر الليبي “الشريف حسن بوغزيل” -وهو بالمناسبة عضو اتحاد الصحفيين العرب وعضو رابطة الأدباء والكتاب بليبيا ومؤسس ورئيس تحرير صحيفة عمر المختار وكاتب بعدة مجلات عربية ومحلية و معد ومقدم برامج بعدة إذاعات ليبية- كان مجموعة من نثره وسرده عبر مؤلفه (بائع اليقظة)، الصادر عن دار البراق للطباعة والنشر والتوزيع بتونس، وتّولت أ. “منية بوليلة” ترجمة نصوصه إلى الفرنسية مشيرة إلى أن الغاية من هذه الترجمة تبيان لانطباعات (مترجمة) حاولت الغوص في أعماق الشاعر ونقل ما تيّسر إلى اللغة الفرنسية في دعوى لغير العرب لاكتشاف عوالم كاتب عربي ليبي، قالت عنه بأنه كان – يغرّد خارج السرب في بوح بهواجسه وتساؤلاته وآلامه وكل أحاسيسه كما هي ملتهبة متأججة.!!

‎وفي خلاصة سنشير إلى أن ما لاحظته أ. “منية بوليلة” من خلال هذه الترجمة حضور حالة من تأكيد ثلاثية متلازمة؛ لامرأة وقصيدة ومدينة، وصولاً من الشاعر وبنجاح إلى فسحة من فكر متجدد ورمز لمفردة وأسطورة بسند يعزز جوانب متعددة في متناول البحث والتدقيق والاستنباط لمن شاء أن يسلك ذلك..!

‎ أما المقدمة العربية فكانت بقلم الكاتب التونسي “الحبيب مرموش” وهو رئيس فرع اتحاد د الكتاب بالمنستير، وقال بجملة من دلالات السردية ولحظات غيبوبة لذيذة تعقبها صحوة لحقيقة إبداع خلاّق ولغة وزمن وسماء وتكاثف صور لتبعث في النهاية بسردية مغايرة للمعتاد حفلت إجمالاً بحقيقة تجسيدٍ وتحولِ وحالة من الغنى بالإيقاع والجمالية الرؤى…!!

‎ ولعل موضوع الترجمة وما تناولته المقدمة قد شكلاً بذلك مساحة من الاختزال الصائب لمعنى شمولي سيكون في منظورنا قادراً على بعث كم متوافر للمتلقي المتأني عقب مطالعته لعوالم مدهشة و رونق إبداعي لشاعر مثل “الشريف بوغزيل” الذي قال:-

(أن تغمز المرأة.. فإنك تغازل القصيدة.. وإن تستدعى القصيدة فأنك تغمز بنبضك امرأة تنام في البعيد ” ووحدك من يعرف البداية.. أينما ذهبت أنت المحاصر تحاصرك القصيدة، فكل ما كتبت لا يعنى بدء القصيدة وكل ما كتبت يذكّرك دائماً بتلك القصيدة ” ووسم العالم الملتف حولك بأنفاس القصيدة… القصيدة خوف، توجس، احتراز، حالة من القهر والدكتاتورية، تمارس اللعبة ذاتها دائماً ” الريح الشراع ” ورغبة المغامر في الوصول قبل الأوان ليحرك ماء البحر ويستحلب السحاب دونما ” فضة ” يعانق الغيوم الهائمة ويصنع بينها موعداً للغرام… يستدعى رائحة التاريخ، ويمزج عطرها بما تبقى من وقت لذكراها، يحرك الزمن بمعول الأيام ولحظات الترقب. ويضيف لوناً يشبه العنب ويتذوق الارتعاش التائه من الكلام، عندها تظهر الحوارية القصيدة أو قصيدة الحوار أو شيئاً ما يشبه وهم كاتب )

‎ولعل ما كانت من هذه الاستنارات التي جاء بها “الشريف بوغزيل” كانت تعنى لنا نوع من رحلة لدواخل المبدع في رحلته نحو رؤى متعاقبة عبر صورٍ لم تتأت لغيره نجحت في الحقيقة بخلق نوع من المشاهدة المدهشة التي سرعان ما تحوّلت حقيقة إلى أطياف تسكن مخيلة القارئ في الضفاف المقابلة بمهارة استئذان لطيفة وغير مستهجنة.

‎وإن شئنا التدقيق فإن الديوان كان يتهجى ذاته بمهارة متأنية في شكل صور حب للشاعر يسكنها إلى نفسه ليجعلها في قناعة متعاقبة بعدم السفر بعيداً.. ويداعبها لتتفاعل وتخلق أطر ليس من الصعب تبيان أنها دلالة في بعض مواطنها لحظات من وحدة باعثة على الإلهام :-

‎(… من يغّرد خارج السرب وحدة يستطيع أن يُنشد معزوفته الفريدة.. ويستنشق نسائم لم يعرفها بقية السرب المؤدلج والمقنّن والمستنسخ..)

‎ وحين محاولة استنطاق ما عايشه الشاعر ويعيشه، فإن المؤشر سيكون في اتجاه لسعي حثيث نحو إسباغ لحالة من حقيقة انتشار لفضاءات الإبداع وممالك خاصة لا تخلوا من الخصوصية رغم اتساع رقعتها، أيضاً كانت التجربة في وضعها العام ستروي لحظات التربصّ التي ترتأى نفى قول – أن النص الشعري جامد لا تتحرك -، و تشير لدلالة التجلّي لمعان وحقائق ووجوه وأنفاس ومشاعر وتسجيلٍ لآنية اللحظة وواقع داعياً لاستنهاض فلول عشق قادمة من وراء حجب لمشاعر بتدفق لا يكاد يهدأ حتى يعلو صخبه من جديد، ونثرٍ على صفحات قالت بسؤال سابق لمعرفة :-

‎( الكتابة..؟ قاموس لكلمات وحروف.. منتشرة بفضاء الله الواسع.. بالأفق بالسماء.. تأتي كما الوحي كما الإلهام.)

‎إن “الشريف بوغزيل” عبر ديوانه كان سيداً لحضور أجواء فجر حمل آمال ومحبة عبر أطلال ذكرى غارقة في مكامن أنفسنا لم نقلها وإن كانت موجودة، وكان بذلك الشاعر الذي شّكل فينا “الآخر” الممتلئ صراحة بعوالم و جداول شعر دون تضاريس أو حدودٍ معلومة تعيق تشكيل اللحظة.. والرامي ببذور الكلمات لتُنبت طلائع سنابل تغذي الروح وتستلهم إرهاصات مطلع شمس !!

‎وحين يتغنى بو غزيل ّ بكل ألوان الشعر فهو بذلك يطرق أبواب أسرارنا.. ويدخل لمعان قصيدة في ثوب حسناء نائمة في خدر الأفئدة :-

‎لنلتق عند مدخل القلب

‎عند الجسر المؤدي لنبض الحلم

‎لنلتق…

‎…………………….

مفتاح الشاعري

‎حين نقول أن الشعر هو وليد شرعي للحياة الثقافية في المجمل، فإن دافعنا في ذلك ما كان ولازال يحمله هذا الشعر من امتداد لتفاصيل الحياة المعاشة للمبدع، وقدرة على تقبّل مختلف الآراء ومواكبة لنظريات وإن تغيرتّ الرؤى أو تعددت المفاهيم..!!

 

شاهد أيضاً

استعراض مشروع الطريق السريع القطاع الرابع مصراتة راس اجدير

ناقش وكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات مصطفى أحمد سالم مع كل من وكيل وزارة …