كتب/ نوري ميلاد سالم
بين الفينة والأخرى يظهر على السطح موضوع التعليق الرياضي العربي وما يصاحبه من انتقادات عديدة نتيجة الأساليب الغريبة التي يتبعها المعلقون بمختلف اسمائهم واستعمالهم الفاظا احياناً بعيدة عن القاموس الرياضي وجنوحهم إلى مفردات غريبة عن مسامع المشاهد العربي ليطرح ملف على ماهية التعليق الرياضي وأهميته ودوره في إعطاء رونق ومتعة لمشاهدة المباريات الكروية محلياً وعربياً وعالمياً.. وفي ذات الوقت تجد جمهوراً يفضل الاستماع إلى أصوات معلقين يصرخون طوال المباراة ولا يهتمون بتفاصيلها ويلجؤون إلى الخروج عن النص وتقديم معلومات لا تختص بالمباراة أو اللاعبين أو البطولة التي تجري فيها المنافسة في محاولات رخيصة أحياناً لجلب الجمهور الرياضي ويركزون على لاعبين نجوم دون غيرهم ولو تم احصاء ما يقولونه عن ميسي في مباراة واحدة أو رونالدو نجده يفوق المعقول !! وكأنهما يلعبان لوحدهما في الفريق ويغيرون آرائهم بمجرد تغير النتيجة وفق سيناريو موضوع قبل المباراة يتغير مع تغير طقس المباراة ..
ومن الصعب تحديد مدرسة ناجحة أو أسلوب للتعليق لأن الجمهور الرياضي يختلف في ميوله وما يطلبه من المعلقين شبه تعليقه لفريق دون آخر في الدوري الإيطالي أو الانجليزي أو الأسباني .. ونبقى الكلمة الفصل للقنوات التي تتعاقد مع المعلقيين الرياضيين وتقيمهم وفق ميولها وجمهورها..وحتى في بلادنا فيختلف الرأي حول مستوى المعلقين رغم أن ليبيا لها مدرسة أو طريقة أمتازت بوجود معلقين رسخوا مبادى الاهتمام بالكرة المحلية وعدم التقليد وأنتهاجها أسلوب مختلف فيه الكلمة الناعمة الليبية معتمدة احياناً على اللهجة المحلية المحببة القريبة من السامع أو المشاهد ونجح الرواد في ذلك إلا أن من تلاهم انتهجوا أساليب معتمدة على التهريج والصراخ وتقليد معلقين عرب من تونس والجزائر والخليج.
المعلقون الاوائل ..
ذكر الموثقون الرياضيون أن عياد ادريزة أول من علق على مباريات الكرة بالإضافة إلى المعلق الراحل الأستاذ حسن الشغيوي الصحفي المتميز والعاشق لمهنة التعليق مروراً بالأستاذ الراحل فتحي سويري المدرب والإداري وعاشق الفهود الذي رفض أن يعلق على مباراة يلعب فيها التحدي أنطلاقاً من مبدأ الحيادية .. وكان الراحل الممثل المسرحي محمد الورفلي رائعاً بصوته الجميل في التعليق على مباريات الكرة وهو أول من علق على مباراة في الإذاعة المرئية وكان ذلك في تصفيات كأس العالم في المباراة التي فاز فيها المنتخب على أثيوبيا بهدفين لصفر في ملعب البركة ببنغازي (ملعب نادي النصر حالياً) وجاء بعدهم اللاعب السابق لفريق بنينة والصحفي الرياضي عياد الزوي وربما شكل ظهور الأستاذ محمد بالراس علي ظاهرة في التعليق الرياضي منذ ظهوره لأول مرة في التعليق على مباريات البطولة المدرسية عام 77 واستمراره في هذه المهمة وأعطى بريقاً للتعليق الرياضي على مباريات الكرة العالمية إلى جانب ابداعاته في التعليق على مباريات الفروسية العالمية بأسلوب فيه الاثارة والجمال والروعة والهدو وعدم التقليد لأي كان ..
وجاء جيل بعدهم حاول واجتهد وسعى رغم قلة الفرص وتجد الذين برزوا مؤخراً على الساحة في أغلبهم التقليد والخروج غير المبرر عن النص واستخدام كلمات بعيدة عن التنافس الرياضي مما افقد التعليق المحلي رونقه!!
عبارات جميلة ..
اشتهر الشغيوي بعبارة (السلام عليكم من جديدة واهي هني وصياحها في الوادي وياسلام عليك إصابة) .. علق على مباريات محلية وعالمية منها كأس العالم 74 بألمانيا و78 بالأرجنتين وآخر مباراة علق عليها فاز فيها منتخبنا على كينيا في تصفيات الألعاب الأولمبية عام 83 على كينيا في طرابلس واشتهر فتحي سويري بعبارة (يحطها في البعيدة ولعبة جميلة) واخر مباراة علق عليها عام 85 عند ما فزنا على السودان 4 ـ صفر في تصفيات كأس العالم.
بالراس علي المتألق ..
بالراس علي استخدم مفردات جميلة وعبارات أجمل فيها رونق خاص تطرب الأذان منها (اللاعب البرازيلي بشكل مع الكرة لعبة جميلة ويلعب الكرة بذكاء لاعب الشطرنج واللاعب الموهوب لا يخاف من استقرار الكرة بين قدميه).
لقد اعتبر محمد بالراس علي ظاهرة في التعليق الرياضي باتخاذه أسلوبا معتمد على السهل الممتنع في الكلمات والعبارات واعتمد على اللغة العربية المبسطة.
المعلقون العرب ..
اشتهر المعلقون العرب أيام الأبيض والأسود تم بعد ظهور التلفزيون الملون في مصر الكابتن محمد لطيف نجم الزمالك ومنتخب مصر ظهر في كأس العالم 1934 بإيطاليا والمعلق الرياضي علي زيو وميمي الشربيني وفي الخليج برز المعلق الكويتي خالد الحربان وفي سوريا برز اسم المعلق عدنان بوظو اشتهتر ونجد في تونس محمد بوغنيم ورضا العودي وتوفيق العبيدي.
ظهور الفضائيات ..
مع ظهور الفضائيات في بداية التسعينيات التي انتشرت وتوسعت ظهر جيل جديد من المعلقين الذين برزوا بأساليب الصراخ واستخدام الألفاظ الغريبة والأكثار من المصطلحات الأجنبية والانتقاد والتقليد والمحاكاة لمعلقي أمريكا اللاثينية وطغى على الساحة عصام الشوالي ورؤوف خليف التونسيين بداية في (أ أر تي) ثم (لبي ان سبورت) بالإضافة إلى الجزائري حفيظ الدراجي الذي بدأ في التلفزيون الجزائري ثم انتقل (لبي أن سبورت) وعلي سعيد الكعبي وفارس عوض وغيرهم.