منصة الصباح

الوقايةُ دائماً… خيرٌ من العلاج

د. علي عاشور

المُخدرات هذه الآفة القديمة التي تُعاني منها كل المجتمعات تقريباً، تُعدُّ مشكلةً حقيقيةً في مجتمعنا الليبي، رغم جهود رجال المكافحة، والجهات الأمنية المختلفة، للقضاء عليها بكافة السبل والوسائل، لكن تظل هذه الآفة بتأثيراتها الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، هي الأخطر التي تواجه مجتمعنا الليبي، إذ أنها تُهدّد أمنه واستقراره من جهة، وتُشكّل عبئاً ثقيلاً ومتزايداً على كافة أجهزة الدولة وقطاعاتها من جهة أخرى، الأمر الذي يضعها على رأس قائمة العوامل المؤثرة في ضعف الدول والحكومات..

المُدقّق في جرائم المخدرات في مجتمعنا الليبي، سيُصدم بأن تعاطي المخدرات لم يعُد حكراً على الرجال فحسب، بل أمست -ومنذ زمن- بعض النساء طرفاً رئيساً مشاركاً، الأمر الذي يسوقهن إلى التورط في أنشطة إجرامية أخرى، نتيجة تعاطيهن للمخدرات والمؤثرات العقلية.. في هذه الحالة فإن المخدرات، لا يتضرر منها هذا الجيل فقط، بل حتى الأجيال المقبلة أيضاً، خاصة أن خطورة المخدرات تكمن في أنها أداة تعطيل الإرادة الإنسانية، حيث يتحول الإنسان إلى عبدٍ لعاداته الإدمانية، الأمر الذي يجعله يفقد عقله وإرادته، ويصبح مستعداً لأن يقدم أي شيء في سبيل الحصول على المخدر، حتى ولو كان ذلك على حساب شرفه وعرضه، هذا بالإضافة إلى ارتكاب السلوكيات الإجرامية الأخرى..

لكن الأخطر من هذا كله، أن مكافحة المخدرات لا تحتل مكاناً بارزاً في اهتمامات الرأي العام المحلي، فلا يوجد هناك تعاون كبير بين الجهات الأمنية والمواطنين، للكشف عن مروجي ومتعاطي المخدرات.. وهذا ما يتطلب جهداً مضاعفاً وكبيراً من رجال المكافحة، الذين يبذلون قُصارى جهدهم في سبيل القضاء على هذه الآفة، والقبض على كل من له صلة بترويجها أو تعاطيها في مجتمعنا الليبي، لا سيما وهي مرض يصيب الطاقة البشرية خاصة الشباب، فهي بذلك تصيبُ جزءاً مهماً من تلك الطاقة البشرية.. لذلك يتطلب الأمر تعاون كافة الجهات والمؤسسات داخل الدولة، لمكافحة هذه الآفة، والحدّ من انتشارها، الأمر الذي يستدعي تدخلاً قوياً وواسعاً لوسائل الاتصال والإعلام، لمحاربة هذه الآفة الخطيرة، إذ أن هذه الوسائل تأتي في مقدمة الأجهزة القادرة على مكافحة ومحاربة هذه الظاهرة الفتّاكة، وذلك من خلال توعية المراهقين والشباب من خطر الاقتراب منها..
فالوقايةُ دائماً خيرُ من العلاج..

شاهد أيضاً

جونسون آند جونسون ستدفع مليارات الدولارات بسبب “البودرة المسرطنة”

الصباح اقترحت شركة “جونسون آند جونسون” الأميركية للمستحضرات الطبية، دفع أكثر من 6 مليار دولار …