منصة الصباح

بلادنا والحاجات الوظيفية المستقبلية

 

في مايو 2023م صدر تقرير (World Economic Forum) وجاء فيه (من المتوقع أن يتغير نحو 23% من الوظائف بحلول عام 2027، مع خلق 69 مليون وظيفة جديدة وإلغاء 83 مليون وظيفة) و(الوظائف الأسرع نموًا هي المتخصصون في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، والمتخصصون في الاستدامة، ومحللو استخبارات الأعمال والمتخصصون في أمن المعلومات؛ ومن المتوقع أن يكون أكبر نمو مطلق في التعليم والزراعة والتجارة الرقمية) وسوف يحتاج ستة من كل عشرة عمال إلى التدريب قبل عام 2027، ولكن نصف الموظفين فقط هم الذين يحصلون على فرص التدريب الكافية اليوم.

وفي الوقت نفسه، يقدر التقرير أن 44% من مهارات العامل الفرد سوف تحتاج في المتوسط إلى التحديث.

هذا يعني أنه على الحكومات وضع تخطيط جيد لربط المخرجات التعليمية بسوق العمل والتوظيف للقضاء على التكدس في الوظائف العامة دون تحقيق إنتاجية حقيقية وحماية البلاد من استنزاف القطاع العام وهدره للأموال والطاقات البشرية، وأن تتضمن الخطط تطوير المناهج التعليمية بما يقلل المحتوى النظري ويمنح الفرصة الأكبر للمحتوى العملي والتجريبي والبحثي والتوقف عن اجترار المحتوى النمطي الذي درسته الأجيال منذ عقود في عديد المواد، وحبذا لو وصل التفكير إلى ربط الحاجة الوظيفية للبلاد بعد 20 سنة بمواليد العام الحالي واختياراتهم الدراسية خلال مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي والتركيز على كفاءة المنهج والمعلم وتحفيز برامج الرقابة على الأداء التعليمي والامتحانات وبرامج التدريب الوظيفي المختلفة، وتفعيل الكفاءة كشرط للحصول على فرص التوظيف والدرجات والترقيات الوظيفية وبطرق حديثة ومعايير عالمية بعيدا عن كل ما يشوب هذا حاليًا من أفكار ومبادرات وتجاوزات.

قبل مائة سنة كانت في ليبيا وظائف من نوع (ساعي البريد – بنّاء حوش حفر وحوش ضرب الباب – جبّاد كنيف – كرارسي – طباب قصاع – سدّاية – خرّاز – عريفة) وغيرها، واندثرت اليوم وبالمقابل ظهرت وظائف جديدة بحكم تطور الحياة ومتطلباتها، وسنة الحياة انقراض ما يتوقف عن التطور فما بالنا بمن يرفض التطور، كثير من المهن والوظائف الحالية ستختفي مع زيادة انتشار الثورة الصناعية الرابعة واستخدامات التكنولوجيا الرقمية المتطورة والذكاء الاصطناعي، فأصحاب الأعمال والمال يركزون على الأكثر إنتاجية والأسرع تنفيذًا والأقل تكلفة، وهذا عندما وفرته الآلة دفع بعديد الأيدي العاملة إلى الظل في كل دول العالم التي اندمجت في مجتمع الثورة الصناعية تباعًا، وستفعل مثله وأكثر ثورة التكنولوجيا وسوف ترسل أضعافا مضاعفة من الوظائف وأصحابها إلى الظل وفي فترة أقصر.

إن ما يبقي القطاع العام الليبي صامدًا والاقتصاد الليبي واقفا هو تدفق النفط الذي تتحكم به قوى عالمية لا يقف بيننا وبينها إلا حاجتها له، ومع تقدم التكنولوجيا وبدائل الطاقة سيتخلصون من هذه الحاجة دون أن نتخلص نحن من سيطرتهم ودون أن نواكب تقدمهم العلمي والرقمي وربما قبل حتى أن نعي أننا ماضون باتجاه الظل ما لم نعيد حساباتنا ونتوقف عن تكرار الأخطاء وتوقع نتائج مختلفة من ذات التجربة.

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

يعطي بنته ويزيد عصيدة

جمعة بوكليب زايد ناقص لم يكن في حسباني، يوماً ما، أنني سأتحوّل إلى كاتب مقالة …