منصة الصباح

هي هنا وصياحها في الوادي

باختصار

بقلم /د. علي عاشور

تعد الدرجات العلمية العليا أحد المعايير والمراتب المتعارف عليها دولياً، والتي تمنحها الجامعات والمعاهد لصفوة طلابها ومنتسبيها، فدرجة الدكتوراة مثلاً تعني أن صاحبها يحمل من الكفاءة العلمية في مجال تخصصه ما يؤهله للقيام بأبحاث ودراسات علمية رصينة وموثوقة النتائج، وأنه تلقى كماً معرفياً كافياً يؤهله لحمل هذه الشهادة، لاسيما بعد أن مر بمراحل دراسية طويلة من البحث والكتابة والتقييم، حتى بلوغه وحمله هذه الدرجة العلمية.

أما في ليبيا فقد اهتزت تلك المعايير كثيراً، حتى أننا أصبحنا نطالع بين الحين والآخر أشخاص لا علاقة لهم بالبحث العلمي ولا بالشؤون الأكاديمية يضيفون قبل أسماءهم حرف الداد أو الألف وهم لا يملكون إلا شهادة جامعية قديمة ويتيمة.

ليس هذا فحسب، بل تجدهم يعتلون لجان لتقييم الآخرين في مناسبات مختلفة، حاملين ألقاباً علمية أكبر منهم، بحضور وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة وعدسات الكاميرات والهواتف الذكية….. لتنتشر صورهم مع ألقابهم العلمية المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، لتنهال عليهم عبارات النقد التي تكون أغلبها لاذعة وجارحة من جمهور تلك الوسائل وأغلبه يردد مستهزئاً: هي هنا وصياحها في الوادي…. وهو مثل ليبي يضرب لبعد واقع وإمكانيات الشخص عن أماله وطموحاته.

حتى أن شركات ومنظمات وأكاديميات ومراكز خاصة في دول قريبة من دولتنا استغلت ذلك،  فأضحت تطبع شهادات دكتوراة فخرية مزخرفة لمن لديه ثمنها، ليقوم بتعليقها في مكتبته، أو لينادي عليه بالدكتور بدلاً من أن يظل اسمه مجرداً، …. فهل وصل الاستخفاف بالعلم ومكانة حامليه إلى هذه الدرجة؟  أم أن المجاملات وصلت حد أن تمنح من لا يستحق تلك الشهادات؟ .

 

                                                                         

شاهد أيضاً

يعطي بنته ويزيد عصيدة

جمعة بوكليب زايد ناقص لم يكن في حسباني، يوماً ما، أنني سأتحوّل إلى كاتب مقالة …