في الذكرى الـ114 لنفي الليبيين إلى الجزر الإيطالية، كشف علي الهازل، المتحدث الرسمي باسم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، في تصريح خاص لمنصة الصباح، تفاصيل مؤلمة عن حملة النفي التي شنها الاحتلال الإيطالي بعد فشل محاولاته لكسر شوكة المقاومة الليبية في الميدان.

وأوضح الهازل أن عملية النفي بدأت بعد معركة جليانة بالمنطقة الشرقية في 20 أكتوبر 1911، ومعركة الهاني في 26 أكتوبر من نفس العام، حين قرر الرئيس الإيطالي جوفاني جوليتي نفي الليبيين إلى 26 جزيرة إيطالية نائية بدل إعدام رجال المقاومة، بعد إعدام 4000 ليبي دافعوا عن أرضهم بوسائل بسيطة، لكن بعزيمة صلبة للحفاظ على الوطن.
تاريخ غامض ومؤلم
وأشار الهازل إلى أن الجزر أبرزها تريمنتي واوستيكا وبونزا تم نقل المنفيين إليها وكانت خالية من أبسط مقومات الحياة: لا ماء، ولا زراعة، ولا مأوى من برد الشتاء أو حرارة الصيف، وكل ذلك كان بهدف طمس آثار المقاومة. وأضاف: “كانت عمليات النفي عشوائية، شملت كل من وُجد في البيوت والأسواق، حتى التجار العرب القادمين من تونس ومصر جاءوا إلى ليبيا للتجارة وتقول المصادر الايطالية ان الجنود الايطاليين وعدوهم بالترحيب والورود لكنهم ذهلوا بحجم المقاومة وبسالة الرجال”.

وأوضح أن أول رحلة نقلت 520 شخصًا من بنغازي و595 من طرابلس إلى نابولي، بينما استمرت عمليات النفي بين 1911 و1921، وشمل بعضها استخدام المنفيين خلال الحرب العالمية الثانية. وبعد ذلك، حاول الاحتلال تطبيق النفي الداخلي داخل ليبيا، إلا أن هذه المحاولات لم تنجح.
وأكد الهازل أن المركز يمتلك بعض أسماء المنفيين، بينما لا تتوفر معلومات عن آخرين، ما يجعل جزءا كبيرا من هذه الفترة التاريخية غامضًا. وأضاف: “إحياء ذكرى المنفيين واجب وطني، فهي جزء من تاريخ المقاومة الليبية وصمود شعبنا أمام الاحتلال”.

وأشار الهازل إلى أن النفي لم يؤثر على الليبيين جسديا فقط، بل ترك آثارا اجتماعية وثقافية عميقة، إذ تشتت الأسر، وحرمت الأجيال القادمة من روابطها العائلية، وأسهمت في تشكيل جيل يحمل ذاكرة ألم النفي والمقاومة.
وتأتي هذه الذكرى في وقت يولي فيه المركز الليبي للمحفوظات اهتماما خاصا بتوثيق مذكرات الشهود، وجمع المعلومات عن أسماء المنفيين، وإعادة سرد التاريخ الليبي بما يحفظ الذاكرة الوطنية ويقدر تضحيات الأجداد.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية