منصة الصباح

النفط وأزمة الدينار الليبي  

مفتاح قناو

ثلاثة ملايين برميل يوميا كانت كمية إنتاج الدولة الليبية من خام النفط قبل عام 1969، في حين كان تعداد السكان في ليبيا حينها لا يتجاوز 2 مليون مواطن، الأمر الذي دعا الحكومة الجديدة إلى اتخاذ إجراءات تخفيض الإنتاج اليومي إلى مليون برميل فقط، تطبيقا لشعار المحافظة على ثروة المجتمع، وسارت الأمور في ليبيا بشكل طبيعي من خلال سيطرة الحكومة على الأسواق واحتكارها لاستيراد السلع، فلم تحدث ــ برغم التقلبات ــ أزمة حقيقية تهدد حياة الناس.

لكن الظروف السياسية ما بعد 2011م جعلت قبضة الحكومات المتوالية ضعيفة، وهذا الضعف انعكس على الصرف العشوائي للأموال العامة، بداية مما سمي حينها مكافآت الثوار، إلى إقرار ميزانيات ضخمة لحكومات لا تملك القدرة على الإنفاق الرشيد، نتيجة لتهديد المجموعات المسلحة، إضافة إلى الحروب المناطقية وإهدار الثروات في التهريب، ومسلسل نهب الأموال في الاعتمادات والتسهيلات البنكية والحاويات الفارغة لعصابة كبيرة من المرابين، وغير ذلك مما قد يخفى علينا من تحويلات مالية مباشرة لبعض الدول والجهات، كل ذلك أوصلنا إلى حافة الخطر التي نعيشها الآن.

حاليا يحاول محافظ بنك ليبيا المركزي السيطرة على الأزمة بفرض رسوم على سعر الدولار في البنوك التجارية، وهي التسمية الأخرى لتعديل سعر الصرف، فالجميع يعلم بأن أي رسوم يتم فرضها لن تلغى مستقبلا، وهذا بالضبط ما حدث مع الرسوم التي فرضتها حكومة فائز السراج والتي تم اعتمادها، بل والزيادة عليها من طرف الحكومة الحالية.

هذه قضية مصيرية هامة بالنسبة للشعب الليبي، تهدم كل طموحاته في العيش الكريم في وطنه، وتنهي قدرته على تربية أبنائه وتعليمهم وعلاجهم والاهتمام بهم بشكل يحفظ لهم كرامتهم.

والسؤال الذي يطرح هنا هو، ما الحل الحاسم لهذه لمشكلة ؟

في اعتقادنا بأن الحل يكمن في القيام بإعداد خطة تحتوي على عدد من النقاط، ولكن قبل ذلك لابد من أن تتوفر الإرادة السياسية الحازمة للقيام بهذه الخطوات، والتي يمكن تلخيصها في الأتي:

أولا ) ترشيد الإنفاق الحكومي لتوفير العملة الصعبة ويشمل:

1 ــ توحيد الحكومتين في حكومة واحدة، لتوحيد الإنفاق الحكومي.

2 ــ غلق السفارات الليبية بشكل مؤقت في كل الدول التي لا تربطنا بها مصالح هامة.

3 ــ تقليص عدد الموفدين للعمل بالخارج في السفارات والبنوك والشركات إلى الحد الأدنى.

4 ــ تخفيض مرتبات كبار موظفي الدولة إلى الحد المناسب لجدول المرتبات العام.

4 ــ الرفع الجزئي لأسعار المحروقات للتقليل من استيرادها.

ثانيا ) زيادة الإنتاج ويشمل:

1 ــ وضع خطة مناسبة لزيادة الإنتاج النفطي وأن يكون المستهدف العودة إلى إنتاج 3 مليون برميل يوميا كما كان سابقا، على أن يكون المستهدف في المرحلة الأولى الوصول إلى 2 مليون برميل يوميا، وليبيا قادرة على ذلك.

2 ــ توسيع الاستثمار في مصافي تكرير النفط للاستغناء عن استيراد الوقود بأنواعه.

3 ــ التوسع في إقامة مصانع البتروكيماويات والصناعات النفطية.

4 ــ التوسع في إقامة مصانع الاسمنت لغرض التصدير لتوفر مواده الخام في عديد المناطق الليبية.

نأمل أن تتوفر الإرادة السياسية في ليبيا للوصول إلى نتائج ايجابية لصالح المواطن وإلا فأن أوضاعا صعبة جدا ستواجه السواد الأعظم من الليبيين.

شاهد أيضاً

متابعةُ الأخبار و فضيلة الاعتدال

جمعة بوكليب زايد…ناقص متابعةُ الشأنِ الدولي إخبارياً، ربما إن صَحَّ التشبيه، أقربُ ما تكونُ إلى …