منصة الصباح

الناتو والأبحاث العلمية ونحن،

د ابوالقاسم عمر صميدة

مع اتساع رقعة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بوصفه حلفًا سياسيًا وعسكريًا، تتغير كذلك اهتماماته العلمية ، فبالإضافة إلى مشاريعه الدفاعية وتنويع التسليح وتحديثه وزيادته ، استحدث الحلف أولويات جديدة، هى الابحاث العلمية وتشمل دراسة تأثير التغيُّر المناخي والذكاء الاصطناعي في مفهومَي الدفاع والأمن، وحماية البنى التحتية المقامة تحت الماء، وكذلك “التهديدات الهجينة”، كما يُطلق عليها في المحادثات التي تتم في أروقة «الناتو»، وتشمل التأثير في نتائج الانتخابات، وتعمُّد التضليل أو نشر معلومات مغلوطة، والتركيز على الابتكارات العلمية والافكار التى يقدمها الباحثون والدارسين ، أما دور العلم في تجسير الهوَّة الدبلوماسية بين دول الحلف وروسيا، فيبقى مجمَّدًا منذ الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم في العام 2014 ، مع الحفاظ على الصدارة والريادة العلمية على خصومه ،

، لذا على ليبيا ان تواكب العالم الخارجى الذى يتابع الابحاث العلمية وتطورها ، فنحن لا تنقصنا العقول ولا مراكز الابحاث ولا المعاهد والجامعات ، ونملك المعامل والورش ، ولكن نفتقد للدافع والتحفيز المادى ، وتوفير الفرص وتحقيق الرغبات وإشباع الهوايات والتجربة والتطبيق، ورغم مئات رسائل الماجستير والدكتوراة التى يقوم بها الدارسين الليببين فإن أحدا لم يلتفت لتلك الخلاصات والافكار المهمة وبالمقابل نرى العالم الخارجى يقوم بتوفير الاموال للباحثين والدارسين ويهتم بالمبدعين وتحقيق طموحاتهم ويشجعهم ويمنحهم الجوائز والهبات ويوفر لهم الفرص والامكانيات فنرى كثرة الابتكارات وبراءات الاختراعات لأن الحافز لدى أصحاب الابتكارات وما يحصلون عليه من الاموال والمكافآت وتشجيع يساهم فى الحصول على نتائج لمعالجة المشاكل التى يواجهها المجتمع الغربى ومن ثم الولوج للمستقبل والحصول على القوة والنفوذ والفائدة لبلدان المبتكرين ، وهكذا نرى الغرب يسابق الشعوب الأخرى ويتفوق عليها فى مجالات الابحاث والتجارب وبراءة الاختراعات وابتكار الحلول للمشاكل الصحية والتعليمية والحربية ، ويحرز تفوقا يعود عليه بالفائدة والريادة والقوة سلما وحربا ، لقد شاهدنا الاستخدام المفرط لسلاح المسيرات وهو ابتكار بسيط يستطيع اى معهد او كلية هندسة ليبية ان تنجزه وتبتكره ، وشاهدنا كيف يستخدم العالم فى الفئران للبحث عن المحاصرين تحت الإنقاض ، فالأمر لا يحتاج الا الى عدسة صغيرة تلصق على رأس فأر وتترك للحيوان الصغير حرية الحركة بين ركام المنازل المحطمة ويتم متابعة ومراقبة حركة الفأر عبر كمبيوتر محمول ” لاب توب ” ومن خلال ذلك يتم اكتشاف الجثث والجرحى والمصابين ومعرفة الوضع تحت الانقاض فى حالات الكوارث الطبيعية كالزلازل والانهيارات ،فهل ستهتم مؤسساتنا بالجامعات والمعاهد ومراكز الدراسات ليس بتوفير المكاتب والسيارات فقط ، بل بتقديم منح مالية للمنخرطين فى البحوث العلمية ومجال المختبرات والعلوم الدقيقة ؟ ، لقد واجهنا خلال مشكلة الطفح المائى بمدينة زليطن مشكلة معرفة السبب وراء ذلك مما اضطر الدولة الى التعاقد مع مكاتب استشارية وخبراء أجانب لبحث المشكلة ، بينما نملك فى ليبيا آلاف خريجى الكليات والمعاهد الهندسية والجيولوجية والزراعية، ولكن لأننا لم نهتم بالبحث العلمى ولم نشجعه فواجهنا تلك المشكلة وغيرها باللجوء للأجنبى ودفعت الدولة اموال كثيرة للأجنبى بينما كان يمكن تجنب تلك المشكلة وغيرها لو كان هناك اهتمام بالبحث العلمى على المستوى المحلى ، أذكر انه فى نهاية الثمانينات واجه العاملون فى ميناء طرابلس مشكلة وجود بقايا سفن غارقة فى قعر البحر بجانب الرصيف فقام مواطنون ليبيون من أعضاء نادى الغطس بالمدينة القديمة بالغطس ومعاينة الامر وقامو بوسائل بسيطة مستخدمين خبراتهم وامكانياتهم فى معرفة “اللحام على البارد ” قاموا بتقطيع الكتل الحديدية وانتشال البقايا مما ساهم فى حل المشكلة ، ولكن للاسف الشديد لم يتم تكريمهم او تقديم المكافأة التى يستحقونها ، ومنذ أيام قام غطاسون ليبيون بجهد خارق تمثل فى إنتشال غواصة غارقة منذ حوالى 36 عام فى مينا جليانة البحرى ، وكانت الغواصة بطول حوالى 80 متر ، وكانت تعوق عمل السفن ودخولها للرصيف ، ولا اعتقد ان حظ هؤلاء الابطال لن يكون افضل من اعضاء نادى الغوص بالمدينة القديمة بطرابلس ، فمتى ستهتم مؤسسات الدولة الليبية بالعقول الليبية ومتى تقدم لهم التشجيع والتقدير ؟

 

شاهد أيضاً

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​ بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا …