منصة الصباح
علي الدلالي

لا خيار إلا المقاومة

بالحبر السري

بقلم: علي الدلالي

لا يُمكن أن نتصور أن الكيان الإسرائيلي بكافة مؤسساته وأذرعه الأمنية والعسكرية الإرهابية ومراكزه البحثية المتقدمة، يجهل أن اغتيال القادة لن يُنهي مقاومة المحتل بل يزيد رجال المقاومة في أي مكان ومن خلفهم شعوبهم قوة وتصميما وإصرارا وعزيمة على مقاومة الاحتلال ودحر المحتلين مهما طال الزمن.

ونستطيع بالتالي أن نقرأ أن اغتيال نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، صالح العاروري في لبنان أمس الأول يكشف، هذه المرة بصفة استثنائية، حالة من الإنهيار والخوف تهيمن على الكيان الإسرائيلي، وشعورا بمرارة الهزيمة أمام بضعة آلاف من رجال المقاومة رغم تسوية قطاع غزة بالأرض وقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين وتشريد مليوني مواطن من منازلهم التي دُمرت فوق رؤوس الكثير منهم.

قام الاحتلال الإسرائيلي منذ زرعه في فلسطين على عمليات الإغتيال التي نفذتها منظماته الإرهابية، ذراع البطش للحركة الصهيونية، وشكلت فيما بعد نواة جيش الاحتلال منها، هاشومير، الهاغانا، أرغون، شتيرن، قبل أن يوسع عقيدة القتل إلى الإبادة الجماعية والتصفية العرقية وتهجير الفلسطينيين بالقوة، وهدم بيوتهم وجرف أراضيهم، والإستيلاء عليها، وحرق محاصيلهم، واستجلاب مستعمرين من كافة بقاع الأرض ليحلوا محلهم، ولا تزال هذه العقيدة العنصرية الإرهابية مستمرة إلى اليوم من خلال سياسة تهويد الأرض وما فوقها وربما ما تحتها، غير أن المقاومة لم تستسلم يوما واحدا ولن تسلم على الإطلاق إذ لا خيارات أخرى أمامها غير المقامة في مواجهة هذا المُحتل الإرهابي العنصري المدعوم من أمريكا والغرب.

فشلت عمليات إغتيال رموز مقاومة الاحتلال التي نفذتها الدول الإستعمارية منها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة واليابان وغيرها عبر التاريخ، في قتل المقاومة ووأدها، وفي تحطيم المقاومين وكسرهم، بل زادت المقاومة قوة وإصرارا ورجالها ثباتا على التحدي والقتال من أجل الحرية، وانتهى المحتلون إلى مزابل التاريخ تطاردهم اللعنات ودماء الأبرياء.

يُدرك قادة الكيان الصهيوني من السياسيين والعسكريين، من اليسار إلى اليمين ومن أقصى اليسار إلى أقصى اليمين واليمين المتطرف المتعصب، أن المقاوم الفلسطيني لم تلوثه السياسة وأنه يقاوم لأجل الشهادة منذ أكثر من 75 عاما من أجل تحرير أرضه، ومن هنا يدمغ الخوف والرعب أركان الكيان الإسرائيلي الذي يعلم قبل غيره أنه لن يهنأ يوما واحدا طالما بقي فلسطيني واحد في يده حجر.

إن الكلمات التي أدلى بها الشهيد الراحل صالح العاروري إلى قناة (الجزيرة) الفضائية قبل جريمة الإغتيال الهمجية الجبانة هي التي تقذف في قلب الاحتلال الرعب والخوف (( كل يوم فيه شهداء ونحن في حركة حماس جزء من هذا الشعب ولذلك نستشهد مثلما شعبنا يستشهد … نحن جزء منه… ونحن نعتقل كما يعتقلون، وتهدم بيوتنا ونلاحق ونطارد وهذا وضع طبيعي … هذا هو الوضع الطبيعي لهذا الاحتلال مع الأسف. ولكن نحن نقاوم أيضا ونطالب. نحن نقاتل وأصحاب حق. لأنه هو محتل أرضنا ومعتدي علينا. وهو يهدد فينا وليس لدينا خيارات. يعني ما عندنا خيار لأنه بيهدد فينا بالقتل احنا بدنا نستسلم ونتوقف على المقاومة…ما عندنا ونحن بكل صدق وبكل مسؤولية وشفافية مثل ما بيستشهدوا أبناء شعبنا وأصغر شهيد من أبناء شعبنا تاج على رؤوسنا وأكرم منا لأنه سبقنا بالشهادة. نحن كمان على نفس الدرب. نحن كل قيادات حركة حماس ومؤسسيها استشهدوا من الشيخ أحمد ياسين واسحب … في غزة والضفة كلهم استشهدوا نحن أصحاب حق ونحن صادقين. وعلامة الصدق هو السير على هذا الدرب والاستعداد أن نمضي فيه حتى النهاية … والنهاية هي الشهادة … والشهادة بالنسبة لنا كرامة ومطلب … ولذلك لم تخيفنا لا تهديدات سابقا ولا تنفيذ التهديدات … ونفذوا تهديدات واستشهد قيادات الحركة ومؤسسوها وكوادرها ومجاهدوها)).

وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلي باغتيال العاروري عزيمة المقاومة في التحدي والإصرار على استمرار قتال المحتل بشتى الوسائل، وسنشهد حتما في الأيام القليلة القادمة ارتدادات لهذه العملية الجبانة إلى ما وراء باب المندب الذي خرج للمرة الأولى عن قبضة هيمنة الولايات المتحدة منذ عقود رغم النداءات الجوفاء والمتكررة لواشنطن للمطالبة بعدم توسيع الجبهات في الوقت الذي تواصل فيه توفير كل الوسائل الحربية والسياسية والدبلوماسية اللازمة لتتمدد ذراع البطش الإرهابية الصهيونية إلى بيروت وسوريا وربما إلى قطر وتركيا غدا.

شاهد أيضاً

يعطي بنته ويزيد عصيدة

جمعة بوكليب زايد ناقص لم يكن في حسباني، يوماً ما، أنني سأتحوّل إلى كاتب مقالة …