منصة الصباح

المقابر الجماعية… جرائم حرب تطالب بمحاسبة الجناة

الصباح ــ خلود الفلاح

تواجه ليبيا ملفا كبيرا يتعلق بالمقابر الجماعية، حيث أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين،
يوم 12 نوفمبر، عن العثور على عدد من المفقودين الذين جرى استخراجهم من مدينة سرت.

وأجرت إدارة الطب الشرعي فحصا لـ 20 جثمانًا في مستشفى أبن سينا، حيث تم أخذ العينات اللازمة من الجثامين واحالتها لإدارة المختبرات لمطابقتها بالعينات المرجعية المأخودة من اهالي المفقودين، وقد تم دفن الجثامين الـ 20 بعد استيفاء الجوانب القانونية والشرعية.

وتؤكد الهيئة استمرار عملها الدؤوب في التنسيق مع كافة الجهات المختصة لضمان تقديم الدعم الكامل لأسر المفقودين.

وهذه المقبرة هي واحدة من ضمن مقابر كثيرة اكتشفتها الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في عدة مدن بالبلاد، وعثرت داخلها على مئات الرفات، خاصة مدينتي ترهونة وسرت، حيث يعتبر ملف المقابر الجماعية وهوية الضحايا والجناة من أبرز الملفات المعقدة التي تواجهها ليبيا.

ويقتصر عمل الهيئة على حالات الاشتباه بوجود مقابر في مكان ما، واستخراج الجثث وإصدار تقارير الطب الشرعي، وجمع العينات من أسر الضحايا للمطابقة مع الجثامين وفق أحدث التقنيات، سواء في حالات الحوادث الطبيعية كما حدث في درنة، أو في حالات الاشتباه بارتكاب جرائم مثل ما حدث في ترهونة. الهيئة لا تتدخل في التحقيقات القضائية أو عمل القضاء.

وتأسست الهيئة بموجب القانون رقم 1 لسنة 2014، والقاضي بتحول الإدارة إلى هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء، لكن هذا القانون لم يفعل حتى عام 2018 بقرار من المجلس الرئاسي حينها. ومن هنا ولدت هيئة البحث والتعرف على المفقودين..

ومنذ 2019، عملت الهيئة على عدة ملفات من بينها ملف المصالحة بين مصراته وتاورغاء والتعرف على المفقودين من المدينتين. واكتشاف المقابر الجماعية بمدينة ترهونة.

ويقول رئيس رئيس هيئة البحث والتعرف على المفقودين، كمال أبوبكر السيوي، أن عدد الجثامين والأشلاء التي تم العثور عليها وتحققنا منها فقد بلغ حوالي 5000 حتى الآن، بينما البلاغات المسجلة لدينا أتوقع أن تصل إلى حوالي 4000 بلاغ عن مفقودين لأن هناك من لم يبلغوا بعد بسبب نزوحهم إلى مناطق أخرى.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد طالبت المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة في حال عجزت السلطات الليبية عن إجراء مساءلة محلية عن الجرائم ضد أهالي ترهونة.

ونذكر أن ليبيا ليست ليبيا طرفا في “نظام روما الأساسي” الذي بموجبه تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، لكن ولايتها جاءت بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970 الصادر في 2011، والذي أحال بالإجماع الوضع في ليبيا منذ 15 فبراير 2011 إلى المحكمة الجنائية.

أحكام غير عادلة

من جانبها، أفادت منظمة “رصد الجرائم في ليبيا” في تقريرها السنوي للعام 2023، أن مكتب النائب العام تلقى السنة الماضية521 شكوى تخص موضوع المقابر الجماعية، 194 منها تم قبولها وإحالتها إلى النيابات، بينما لا تزال 327 قضية قيد التحقيق، مشيرة إلى أن الجهات القضائية قامت باستثناء 17   قضية من التحقيق لنقص الأدلة والشهود.

ويرى المحلل السياسي، محمد الفرجاني، أن المماطلة في معالجة مشكل المقابر الجماعية أفرز جملة من المشاكل في الساحة الليبية، حيث سمح بانتشار الكراهية والانتقام بين الأشخاص، كما كرس لثقافة الإفلات من العقاب. والمعروف أن ليبيا تعاني من أزمة سياسية وأمنية منذ أكثر من عشر سنوات أثرت بشكل مباشر على وحدة مؤسساتها.

وأفاد الباحث السياسي إبراهيم الغرياني، أن الانقسام بين مؤسسات الدولة أثر بشكل مباشر على ملف المجازر الجماعية بمدينة ترهونة. وأضاف: “ما لم نتوصل إلى حل شامل للأزمة السياسية والأمنية التي تعاني منها البلاد سيكون من آثارها ضعف الأجهزة الأمنية، وبالتالي سيظل ملف المقابر الجماعية دون حلول واضحة.

من جانبها، أعلنت رابطة ضحايا ترهونة، رفضها لكل أحكام السجن الصادرة بحق المتورطين في قتل المئات من المدنيين ودفنهم في مقابر جماعية في ترهونة. التي يرونها غير عادلة، مطالبين بإنزال عقوبة الإعدام على الجناة.

شاهد أيضاً

القيب يستعرض أعمال المركز الليبي للمنظومات الالكترونية والبرمجيات وبحوث الطيران

عقد وزير التعليم العالي والبحث العلمي عمران القيب ، اجتماعا مع مدير المركز الليبي للمنظومات …