منصة الصباح

الاتجاه الى إنتاج الطبيب المعاق

الاتجاه الى إنتاج الطبيب المعاق

مع قهوة الصباح:

بقلم: د . المهدي الخماس

الإعاقة الجسدية ليست عذر لعدم قبول طالب بكلية الطب وليست موضوع هذا المنشور. المنشور يختص بالطريق السريع الذي تسير فيه ليبيا لتحطيم التعليم الطبي. طبعا التعليم الطبي يتطور كما يتطور علم الطب. وكل البلدان تسعى الى التحسين من مخرجات التعليم الطبي مابعد الجامعة وتبحث عن الطرق الصحيحة لتحقيق ذلك الهدف. ولكن في ليبيا الأمر يختلف. التطوير تسمعها في المرابيع ومكالمات الهاتف ومناشير وصور الفيس ومقالات الجرائد. وعندما تنظر وتقيم مايجري ترى أن الخلطة التي يطهى بها التعليم الطبي بعد الجامعة هي خلطة إنتاج طبيب معاق وليس طبيب ذو نوعية تذكر.

الفِرق المهتمة بالموضوع هي مجلس التخصصات الطبية، المجلس الصحي العام، وزارة التعليم العالي، وزارة الصحة، مجلس التدريب الطبي، المستشفيات التعليمية، الروابط الطبية التخصصية المختلفة، نقابة الأطباء. وبدل أن تتجه الدولة الى الربط بينها والظهوربخطوات متناسقة لتدريب الطبيب ومنحه حقه وحماية المدرب والمتدرب والمريض اتجهت الى نظام فرق تسد وترك الحبل على الغارب. فالأدوار هنا تكون فردية والتي ستؤدي في مجموعها الى الإستمرار في تحطيم التعليم الطبي مابعد الجامعة.

من ضمن الخطوات الرئيسية المشاهدة في المشهد الآن استبعاد مجلس التخصصات وتهميشه. لامساندة له بميزانية صحيحة ولامشاركة له بالرأي ولاغربلة صحيحة في القيادات ولهذا ينشغل المجلس بالمعارك الجانبية. مرة مع وزارة التعليم العالي ومرة مع مجلس التدريب ومرات بأمور تنظيمية داخلية وتدوير الكراسي المحجوزة من التسعينات والخوف من مراكز القوى والإصلاح الحقيقي. كل شي يناقش ماعدا الخطوات العملية لتطوير شهادة البورد الليبية. أحيانا تقام الإحتفالات بتدشين وتشجيع شهادة البورد العربي وتقديمها على البورد الليبي وجميعنا يعرف البير وغطاه وماوراء ذلك من تضارب في المصالح. أحيانا تجد من هو في أحد المجالس العلمية وقد ملأه اليأس وأصبح يشتغل ضد المجلس ويعتقد أنه يحسن صنعا.

مجلس التدريب ومهمش مكانك سر ولاداعي حتى للكلام عليه والصح أنه هو مربط الفرس. ملف التعليم الطبي لامكتب له. وكأنه يتيم قاصر وبدون مجلس وصاية. لاوجود لإدارة تعليم طبي متخصصة في وزارة التعليم العالي. إدارة بها متخصصي مناهج التعليم وأطباء أساتذة وذوي خبرة من ليبيا وغيرها. ولهذا توقف الكلام عن التعليم عند جملة مكررة ولايعي قائلها ماذا تعني الا وهي ” ضرورة الحصول على ماجستير أو دكتوراة لتتأهل لعضوية هيئة التدريس السريري” طبعا هذا كلام من لاعلاقة له بالتعليم الطبي السريري لامن قريب ولامن بعيد ويحتاج الى نقاش ذوي الخبرة.

كليات الطب وعدم دعمها أدى الى تأخر الدراسات العليا في العلوم الأساسية ونظام المعيدين أربك التخطيط للمستقبل وظلم أعضاء هيئة التدريس وبخسهم حقوقهم أدى الى إصابتهم بخيبة الأمل وتوجههم الى العمل الخاص لإعالة أسرهم والعزوف عن التدريس والتدريب والبحث العلمي. وهذا أدى الى التفكير في المدارس الطبية المختلفة والتي ستكون المصانع المنتجة للطبيب المعاق. كل من زار كلية طب خارج ليبيا رجع خبيرا في التعليم الطبي ويفهم في مدخلاته ومخرجاته وجاهزا لإنشاء مدرسة تعطي الماجستير وربما الدكتوراة.

عدم وجود مظلة تشريعية وتنفيذية في أن واحد تنقذ التعليم الطبي هو الطريق السريع الى استمرار إحباط الطبيب الليبي وتدني الجودة وإنعكاس إحباطه على المريض الليبي ويافرحت مصحات تونس. لأن الطبيب المعاق لن ينفع في القطاع الخاص في ليبيا ولن يفيد. بل سيكون عالة على التدريس والبحث العلمي وكذلك الخدمات المقدمة في العام والخاص.

تفعيل المرافق الصحية التعليمية والحرص على ان يكون مدراء المستشفيات التعليمية من ضمن أعضاء هيئة التدريس السريرين والتعاقد مع جهات تقييمية متخصصة خارجية ربما خطوات للمناقشة لعلنا نجد مخرجا ملائما. كذلك دعم المجلس الصحي العام والنقابة لإعطاء الرخص المبنية على التأهل الصحيح وإعادة تجديد الرخصة بناء على معطيات وتقييم وتعليم طبي مستمر سيكون له أثر إيجابي.

شاهد أيضاً

الـولاء للـــوطن

مفتاح قناو لا يمكن للمواطن الليبي العاشق لتراب هذا الوطن أن يكون شيئا أخرا غير …