منصة الصباح

المظاهرة المنسية

أن تخرج مظاهرة احتجاج، ويقول الناس كل ما يريدون، ولا أحد يذهب إلى المكان الذي لا يريد، فهذا مكسب.

يعني أن تتظاهر ضد الحكومة، وتكون في حماية شرطة الحكومة، من دون إصابات بين المتظاهرين ولا بين رجال الأمن، ولا إشعال حتى لعود كبريت واحد.

فهذا يُحسب أولاً للمتظاهرين، وللمؤسسة الأمنية، ولمؤسسة الحكومة، سواء كنا ضدها أو معها.

فهل يمكن أن تخرج مظاهرة في عالمنا العربي، أو في مناطق أخرى من ليبيا، ولو من عشرة أشخاص؟

بل ولو كانوا يحملون شعار: “تسقط المطر في الشتاء”، أو “يعيش السمك في الماء”!

هذا – في تقديري – تطور مهم، ولقطة حضارية تعكس إعادة فهم للتظاهر السلمي كوسيلة للتعبير، لا كأداة للتغيير.

فالمظاهرات ليست بديلاً عن الاستفتاء، ولا عن الانتخابات، ولا عن القانون.

هذه حقائق متجذّرة في أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، والسويد؛ حيث ينزل الناس إلى الشوارع لإسماع صوتهم، والضغط على السلطات.

أما من يريد قصر الرئاسة، فيمكنه أن يأخذ تاكسي، لا أن يركب على ظهور الناس.

للأسف، رأينا حملة تجييش واسعة، وخطاب تخوين يقوم على منطق “جون فوستر دالاس”: من ليس معي فهو ضدي.

رأينا ذهنية شمولية، واحتكاراً للحقيقة.

رأينا حملات تضليل، وتنزيلات ممولة

رأينا من كان يفترض أن يكون جزءاً من الاستقرار، فإذا به جزء من التوتر.

صحيح أن التظاهر يحتاج إلى ثقافة احتجاج، وشرطة مدرّبة لمكافحة الشغب، وقانون يحمي حرية التعبير.

وصحيح أننا نفتقر إلى أحزاب حقيقية، لها وجود قاعدي، وشعبية واسعة.

لكن الأهم من كل ذلك، أن لدينا نحو ثلاثة ملايين ناخب ليبي في سجل الناخبين، وهذه أكبر مظاهرة مليونية مع الانتخابات، مع تجديد الشرعية.

حضورهم في سجل الناخبين يعني سحب الثقة من تلك الأجسام التي تستخدم الانتخابات كدروع سياسية لأكثر من 10 سنوات.

وكأن الانتخابات علبة بلاستيكية للاستعمال مرة واحدة.

عبدالرزاق الداهش

شاهد أيضاً

تسرب في أحد أنابيب نقل النفط الخام جنوب الزاوية

تسرب في أحد أنابيب نقل النفط الخام جنوب الزاوية

اكدت فرق الصيانة والطوارئ التابعة للمؤسسة الوطنية مواصلة جهودها في سبيل إيقاف تسرب النفط الذي …