منصة الصباح

المستشفيات المقابر

 د.علي المبروك ابوقرين

لأكثر من 200 يوم وجيوش المحتل الصهيوني مدعومة بالدول الغربية وعلى رأسهم امريكا وبريطانيا تحاصر شعب أعزل في مساحة جغرافية لا تزيد عن 360 كيلومتر ، ودمرت أكثر من 70% من المساكن على رؤوس ساكنيها المدنيين الأبرياء ، وأستشهد أكثر من 35000 أكثرهم من الأطفال والنساء وكبار السن ، وما يقرب من مئة ألف من الجرحى والمصابين ، ودمرت المدارس ودور العبادة والمستشفيات والمراكز الصحية ومئات من سيارات الإسعاف ، وقتلت متعمداً المئات من الأطقم الطبية والطبية المساعدة والمسعفين والعاملين في فرق الإنقاذ والدفاع المدني والإغاثة والمساعدات الانسانية ، وحولت المستشفيات لمقابر جماعيه بعد تحريفها وتحطيم معداتها وتدميرها وقتل من فيها بعد تعذيبهم من مرضى وأطباء وتمريض ومسعفين وإداريين ، وإحتجاز المئات من العاملين الصحيين وتعذيبهم ، والذين فقدوا منازلهم وأسرهم كغيرهم من سكان غزة المكلومين ، ويعملون في ظروف صعبة وقاسية ويتحملون ما لايمكن تصوره على مدى سبعة أشهر متواصلة يتعرضون لحرب إبادة ، وبدون إمكانيات تساعدهم في التعامل مع الأعداد الكبيرة من ضحايا الحرب المدمرة على مدار الساعة وما يعانيه الضحايا من نزيف وكسور مركبة وتهتك في الأعضاء وتقطع وسحق وحروق ، وولادات قيصيرية في ظروف صعبة لأمهات تموت متأثرة بجراحها نتيجة القصف ، وأجنة وخدج يحتاجون لتدخلات وحضانات وأدوية خاصةً غير متوفرة في ظروف تتعرض فيه المستشفيات العاملة منها للحصار المستمر والمداهمات المتكررة ، والاخطارات المتتالية بالإخلاء بالقوة ، ومع كل هذا والعاملون الصحيون يخاطرون بحياتهم لتوفير الخدمات الصحية للمرضى والجرحى بما متاح لديهم من إمكانيات شحيحة ، ويشعرون بالذنب لعدم القدرة على فعل المزيد والأصح لأنهم مضطرين أن يقوموا ببتر الأطراف بدون تخدير ، وعلاج المرضى في مجاميع على الأرض ، وفرز الحالات وفقًا لخطورة الإصابات وأولويات التصنيفات من حيث النتائج المتوقعة والإسعاف الأسرع ، والعدو الصهيوني يتعمد في منع وصول الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية ودخول الأطقم الطبية من الخارج للمساعدة ، ويمنعوا عن المستشفيات الوقود والكهرباء والغذاء والمياه ، وحولوا معظم المستشفيات لركام ،

وكل هذه الأحداث الكارثية المتلاحقة والتي يزيد عنها المجاعات وتفشي الأمراض المعدية بين سكان الخيام المكتظة لإنعدام المياه الصالحة للشرب وتكدس المخلفات والنقص في التطعيمات والأدوية ، وإنعدام الأمان والسلامة بالمستشفيات جراء القصف المستمر ، والإزعاج المتواصل من الطيران المسير مما فاقمت من الأوضاع النفسية للعاملين الصحيين أطباء وتمريض وفنيين وخدمات مساعدة ، وأصبحوا عرضة للخوف والإرهاق والقلق والأرق والإكتئاب والتشتت في التفكير ، وكل من تبقى منهم على قيد الحياة ليسوا بخير من الضغوط النفسية ، حيث لا مكان آمن في غزة ولا في أذهان الناس ، والكل في حالة أنتظار الموت برباطة الجاش وصلابة الموقف والتمسك بالأرض والدود عنها ، وينتصرون بالحق والعزم والإصرار ووحدة الصف والإيثار والتفاني في العطاء والإخلاص للوطن.

نصر الله أهلنا في فلسطين …

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …