جمال الزائدي
من وجهة نظري الخاصة لا يقاس تقدم الدول بارتفاع ناطحات السحاب وضخامة الكباري وعدد الكيلومترات المعبدة واطوال سكة الحديد بل يقاس اولا بتطور رأسمالها الرمزي من الفنون والآداب والفكر الحر و ثانيا وهذا الاهم بأوضاع المرأة فيها ومستوى مشاركتها في كل المجالات خصوصا في السياسة والاقتصاد..
لذلك أتطلع مثل كثيرين غيري على ما أظن إلى المراهنة على وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها اقرب القطاعات الحكومية إلى معالجة أوضاع المرأة خصوصا في بلادنا حيث لاتزال المرأة تعاني من التهميش والتمييز الجنسي والحيف سواء في عالم الأسرة والعائلة الكبيرة أو في المجال العام ..
ان الدور الذي يمكن أن تلعبه وزارة مهمة كوزارة الشؤون الاجتماعية يجب أن يتجاوز نطاق الأدوار التقليدية نحو متابعة العراقيل والقوانين والتشريعات التي تحد من وصول المرأة إلى تحقيق مواطنتها الكاملة كشريك حقيقي للرجل الأب والاخ والزوج والابن ليس على المستوى الاجتماعي وحسب ولكن أيضا في مجال الوظيفة العامة والمشاركة السياسية الحرة خارج نطاق الهبات التي تتفضل بها الحكومات عن طريق فرض الكوته أو الحصة على نحو ما جرى في الاتفاق السياسي الليبي في جنيف الذي أنتج حكومة الوحدة الوطنية ..
التنيمة الاجتماعية التي تهتم بها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتضامن مع الوزارات الحكومية الأخرى تقوم على تقوية دور الأسرة والمؤسسة المجتمعية بشكل عام وهذا الأمر متصل عضويا بقوة ومساحة الدور المتاح للمرأة بحيث أنه لا يمكن إنجازه بدون تحقق الوعي الشامل بحقيقة ان مهمة ووظيفة المرأة في مجتمعها لا تقل مقدار أنملة عن مهمة ووظيفة الرجل..اما الوصول إلى هذا المستوى من الوعي فهو مايحتاج إلى صياغة منهجية توعوية وتعليمية متكاملة لتجاوز الأنماط القيمية الموروثة التي تضع المرأة في مكانة متأخرة عن شريكها..
من الصحيح تماما أننا في هذه اللحظة نواجه تحديات وجودية تتهدد الكيان الليبي برمته بسبب الانقسام السياسي والتشظي المؤسساتي والتدخلات الخارجية ونكابد ظروف معيشية صعبة من ارتفاع أسعار وأزمة كهرباء وامن ووضع وبائي شبه كارثي..لكن التحدي الإجتماعي مازال ذي أولوية كبرى لانه يتشابك مع كل هذه التحديات والتهديدات وأكثر من ذلك يشكل القاعدة الأساسية لنجاح اي مشروع للتنمية الشاملة ..