منصة الصباح

الحكمة ضالة المؤمن

الحكمة ضالة المؤمن

الدكتور علي المبروك ابوقرين

للعلم أنه لا يوجد نظام صحي مثالي وله أسبابه في هذا ، ولا يوجد نظام صحي في دولة قابل للتطبيق في دولة أخرى وإن تطابقت كل المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والديموغرافية .

ثم هناك إختلاف جوهري بين النظم الصحية بالدول الصناعية ( الرأسمالية -الغنية ) وبين بعضها ، وبين باقي الأنظمة وبعضها ..

وهذا واضح في كل التقارير ومؤشرات المقارنة السنوية بين الأنظمة الصحية في العالم وترتيباتها وفق معطيات كثيرة ومختلفة ..

وحيث إن الدول المتوسطة والصغيرة الدخل تحتاج بالضرورة لأنظمة صحية متوازنة ومتماسكة وإنسانية وتحقق مكاسب العدالة الاجتماعية والتنمية لإن الأعباء الصحية أكثر والاضرار منها أشد..

وقد تتميز بعض الدول في التقدم والتطور التكنولوجي والمعرفي في البحوث والصناعات المتعلقة بالصحة كالأدوية والمستلزمات والمعدات وغيرها وليس بالضرورة أن أنظمتها الصحية جيدة ويحتذى بها بل معظمها يشهد تراجع لأسباب عدة والأمثلة كثيرة عن ذلك ..

ودول أفقر وإنما انظمتها افضل ..

ومنظمة الصحة العالمية لا تملك المقومات الضخمة لكل الاحتياجات المطلوبة للقطاعات والنظم الصحية المحلية ، بل قد تساعد ببعض الخبرات في التأهيل لبعض القطاعات التشغيلية في النظم الصحية ، أو تساهم في المساعدة في وضع بعض الهياكل التنظيمية والإدارية أو تزود الجهات المسؤولة ببعض أدلة العمل ومعايير الاداء والجودة والسلامة بما في ذلك السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج التي قد تساعد بعض الآنظمة الناشئة ، أو الهشة أو التي مرت أو تمر بعقبات وظروف صعبة ، أو تتعرض لبعض الأزمات كالحروب والصراعات والكوارث البيئية والطبيعية ..

والمؤسسات الدولية المشابهة دائما وصفاتها ليست علاجية وقد تكون مسكنات لبعض الوقت الى أن يستفحل الداء بالنظام الصحي الذي لجأ اليها وتكتشف الدولة انها تورطت في وصفات لا أمل منها في إقامة نظام صحي مأمول للأمة ..

والصحة مرادف للتعليم والقطاعين يجب أن يكونا متوازيين للنهوض بالمجتمعات معرفيا وصحيا والاثنان يُخدِمان على بعض طالما الحياة مستمرة ، وهذه مهمة أصيلة لكل دولة ومجتمع ..

ولذلك على كل دولة وفق نظامها الاقتصادي وظروفها الاجتماعية والديموغرافية تستطيع أن تنشئ نظامها الصحي وفق معطياتها المحلية ، بناء على القواعد الحاكمة لمفهوم الصحة وتعريفها وأهدافها ومحدداتها الاجتماعية والإنسانية ، بتوضيف إمكانيتها المتاحة لتحقيق الأهداف الإنمائية المرجوة ، وبالضرورة كل ما تقدم التعليم تقدمت الصحة والعكس صحيح ، وزادت فرص النهوض بالمجتمعات…

والمجتمعات الناشئة والمتوسطة الدخل عليها الإعتماد على الاقتصاد المعرفي والانتاجي والذي يحافظ على المحددات البيئية والصحية والاجتماعية وهذا يتطلب الاستثمار البشري في التعليم والتدريب المستمر ورفع الكفاءة لدعم النظم الصحية بالبحوث والدراسات العلمية وبالكوادر المؤهلة جيدا ولا تضطر اللجوء للأساليب التي تضعف من قدراتها الذاتية ، وتفاقم الاختلال البنوي الاجتماعي الذي يؤسس لنظم إقتصادية استهلاكية ويحول القدرات والإمكانات المحلية والقطاعات التنموية الأساسية لمنظومات اقتصادية تقلل من فرص التعلم والعلاج والتنمية ، مما يفاقم من التهديدات الخطيرة كالجهل والفقر والمرض

وما يترتب عنهم من مشاكل جمة ..

لذا في النموذج الليبي بالمعطيات المتاحة الآن والتي هي أفضل مئة مليون مرة عن ما كانت عليه نصف قرن مضى وحققت مكتسبات كبيرة دون اللجوء للإستراتيجيات والبرامج والخطط التي تتبع الان ..في الوقت الذي كانت فيه ظروف البلاد حينها تستدعي ان تلجأ للأساليب التي يتم اللجوء اليها اليوم ..

*ولكن الحكمة ضالة المؤمن*

والعاقل لا يجعل بينه وبين المعرفة حجاباً، ويبحث عنها أينما وجدها فهو أحق بها .

المجتمعات الشابة عليها بالعلم والمعرفة والثقافة فهذه ميزتها التنافسية ، وقوتها الناعمة التي تقودها الى الأمام وتتصدر الأمم ..

ليبيا قادرة على إصلاح ذاتها لو أتيحت لأبنائها الفرص ….

شاهد أيضاً

الـولاء للـــوطن

مفتاح قناو لا يمكن للمواطن الليبي العاشق لتراب هذا الوطن أن يكون شيئا أخرا غير …