يبدو أن الطريق مازال طويلا، ويبدو أن نقطة الوصول مازالت بعيدة. أكثر من سبعة أعوام زادت فيها الكثير من الالم، وتقلص فيها الكثير من الاحلام، فمن التطلع إلى دولة متقدمة، ومزدهرة، إلى أمل الحصول على اسطوانة غاز، وجالون بنزين، وكهرباء بدون طرح أحمال، وسيولة بدون عذاب، وأرغفة خبز جافة. إمكانيات كثيرة أهدرت، ووقت كثير ضاع، وأسوأ من ذلك ما تبدد في صراع عبثي بين أطراف سياسية لم تكن قادرة على إدارة خالفها، فتركوا صناديق الانتخابات، وتوجهوا نحو صناديق الذخيرة، وأخذا كل طرف يستقوي بالمقدس الوطني، أو الديني، لتخوين الآخر المشترك، أو تكفيره. كان ذلك من أجل أن يكون كل طرف هو ولا أحد، ثم ليأتي بعده الطوفان، أو الآحزان. كان ذلك أيضا من أجل تبرير فائض الضحايا، الذين وجدوا أنفسهم، حطب النيران، في حرب غير واجبة، الرابح فيه خاسر. وهكذا بدأت رحلة الآف ميل بورطة، وبقينا نلف حول جزيرة دوران المرحلة الانتقالية المرتبكة، والمكلفة أكثر من مرة، وزاد عدد الطباخين، ولكن لا شيء إلا تفاقم الجوع. دخلت ليبيا مرحلة نزيف داخلي صعب، بسبب حروب دخيلة، وداخلية يدعي كل طرف فيها أنه يقاتل من أجل ليبيا، أو من أجل الله. لم تأت الصخيرات بالحل الآمثل، ولكن ربما جاءت بالحل الممكن، فلا حلول مثالية في ظروف ليست مثالية، بل ظروف سيئة، وسيئة جدا. ذهبت الدولة الديمقراطية المنشودة، وبلد الحريات، والتنوع الخالق، خلف غبار المعارك، وصار المواطن الليبي من اختناق لاختناق، يخوض معركه اليومية بين طوابير الغاز، وطوابير البنزين، أما مشكلة السيولة فقد تحولت إلى قصة حزن طويلة. صحيح هناك تحسن في الحالة الآمنية، وصحيح انطفأت الكثير من الحرائق، وصحيح هزيمة كبيرة للارهاب في الشرق ولداعش في الغرب، ولكن مازال بصيص الآمل في أخر النفق، يحتاج إلى المزيد من السير. وها نحن الآن قاب قوسين أو بضعة أيام من الربع الرابع من العام السابع، وقد صارت جبال المشاكل أكبر من فؤوس الحل. انقسام سياسي، وانقسام مؤسساتي، ومواطن يتعذب وقد تكسرت على رأسه أخر جراب الصبر، والتفاؤل. وسأل متكرر: أين باب الطوارئ؟ اصلاحات، انتخابات، ومخارج أخرى، وخوف مشروع من تدوير المدور. وتبقى الظروف الانسانية الصعب للمواطن الليبي، لا يمكن تسقط سهوا، من مسؤولين أتوا ٫سهوا. وأخير المؤتمر الوطني الجامع، هل هو بداية الحل أم نهاية المشكلة.
الوسوممقالة
شاهد أيضاً
كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي
خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …