منصة الصباح

النظام السياسي في الغرب تحت عيون الكنيسة

النظام السياسي في الغرب تحت عيون الكنيسة

بالحبر السري

بقلم: علي الدلالي

لا أريد أن يُقال عنا كما قيل من قبل نشتم الغرب وأمريكا في العلن ونحلم في السر بتأشيرة بريطانية أو لفضاء شينغن ونتضرع في الثلث الأخير من الليل للفوز بتأشيرة أمريكية، للتجول في ضباب لندن الملوث، أو في الشانزليزيه، أو في الجادة الخامسة في نيويورك، ولكن للضرورة أحكامها.
لعبت الكنسية واللاهوت الكاثوليكي، كما هو معروف، دورا بارزا في تأسيس الحضارة والثقافة الغربية ولا تزال إلى اليوم تهيمن على صناعة القرار بشكل كبير من خلال مصارف وشركات عملاقة، رغم الشعارات العلمانية التي يتم ضخها في العقول عن انسحاب الدين من السياسة في الغرب.
تطور النظام السياسي في الغرب تحت عيون الكنيسة التي مهدت له طرق تجارة الرقيق في القرن الخامس عشر على مدى 400 عام وهي تجارة قامت عليها حضارات أوروبية عديدة استغلت دماء وعرق “العبيد” ثم فتحت له، عبر الحملات التبشيرية، والحروب الصليبية والإستعمار الذي لا يختلف كثيرا عن الرق والعبودية، أبواب قهر الشعوب ونهب خيراتها.
تابعنا خلال الأسبوعين الماضيين حدثين يؤكدان مجددا زيف الشعرات التي يرفعها الغرب ويثبتان حقيقته الإرهابية والعنصرية وكرهه للآخر وازدراء الدين الإسلامي رغم كل ما يُروج له عن الحريات وحقوق الإنسان.
في فرنسا، قام شرطي عنصري بإطلاق النار بدم بارد على سائق سيارة قاصر من أصول جزائرية بعد أن أرهبه بسلاحه وتسبب في مقتله ما أثار موجة من الإحتجاجات العارمة والعنيفة في مدن فرنسية عدة حيث خرج الآلاف منددين بعنف الشرطة الفرنسية وتصيدها لـ “الآخر”.
حاول الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون امتصاص غضب الشارع ضد مقتل (نائل) معربا عن تضامنه مع عائلة هذا الشاب ابن الـ 17 ربيعا الذي طاله رصاص الغدر العنصري وتناسى أنه استغل في السابق الهجوم على صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة، الذي نددنا به للتذكير، للتحريض على العنف والكراهية من خلال استخدام توصيفات تحريضية من بينها ” تدمير الجمهورية وحرية التعبير وتدمير إمكانية جعل أطفالنا مواطنين أحرارا” دون أن يقول في المقابل كلمة واحدة عن احترام الآخر في ثقافته ودينه.
إن قتل (نائل) بدوافع عنصرية ليس الأول من جنسه ولن يكون الأخير، وتعيدنا هذه المـأساة إلى أغنية “مونبارناس” التي كتب كلماتها الشاعر المغربي محمد الباتولي، متأثراً بموت بعض المهاجرين الجزائريين في حادث اعتداء عنصري في فرنسا في ثمانينيات القرن الماضي، ولحنها وتغنى بها الموسيقار المغربي عبد الوهاب الدكالي، وتقول بعض كلماتها :
في مونبرناس
مات خويا يا بويا
برصاص قناص عنصري يا بويا
بالحقد أعمى
تربى وعاش يكره الناس
في منبرناس
مات خويا يا بويا
في السويد مزّق المتطرف سلوان موميكا ذو الأصول العراقية نسخة من المصحف، وداس عليها بأقدامه وأضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي تحت حراسة الشرطة السويدية التي اعتقلت في المقابل مواطنا أراد أن يرميه بحجر احتجاجا على تصرفه العنصري الحاقد.
ويرى القضاء السويدي أن منع هذه التصرفات، ويقصد حرق المصحف، انتهاك لحرية التعبير التي تكفلها البلاد في حين صرح رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون بأنه “أمر قانوني لكنه غير مناسب”، مضيفا أن المسألة متروكة للشرطة لاتخاذ القرار بشأن مظاهرات حرق المصحف.
إن حرية التعبير وحقوق الإنسان وغيرها التي يروًج لها الغرب هي في الحقيقة شعارات جوفاء تندرج تحت سياسة الكيل بمكيالين، وحتى لا نذهب بعيدا، نتحدى هذا الغرب الإستعماري العنصري المدجج بكافة أنواع أسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية والمسؤول عن الإحتباس الحراري وتدمير البيئة وتهديد كافة سكان الأرض أن يسمح، من باب حرية التعبير، لأي مواطن من مواطنيه بمجرد التشكيك في أرقام ضحايا المحرقة التي اعتمدتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …