دأبت ليبيا عبر أجيالها على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بطرق بسيطة، صنعتها المحبة وورثتها الذاكرة الشعبية، وكان للخميسة والقنديل نصيب بارز في هذه الطقوس.
فمع عصر اليوم الذي يسبق المولد، تبدأ الفتيات الصغيرات في الاستعداد لليلة المولد، متفقات على اختيار بيت إحداهن للاجتماع. يجلسن في نصف دائرة تتوسطها الخميسة المشتعلة شمعاتها الخمس، وبأيديهن الصغيرة المخضبة بالحناء يضربن على “الدربوكة” محدثات إيقاعات مبهجة، ويرددن أغاني المولد المعروفة، وأشهرها:
“ليلتنا ليلة ميلود… حرفة سواد على اليهود”
وإن لم تقتل تلك الدعوات عدوا
أما الصبية، فيجوبون الشوارع حاملين قناديلهم المضيئة، يتغنون بأهازيج المولد، يتسابقون، ويزينون ليل المدينة بألوان بسيطة وفرح كبير. ولم يكن الأمر يخلو من بعض نحوم الليل و الخط و لوح
الان الأمر لم يستحيل إلى حرب غير معلنة بأنواع متعددة من الألعاب النارية ، التي كثيرًا ما حوّلت البهجة إلى إصابات وحروق، تسجلها المستشفيات في طول البلاد وعرضها.
هي احتفالات علت فيها أصوات الفتيات الصغيرات المبتهجات و الفتية السعداء على أصوات المتفجرات المزعجة و الغير مبررة
وفي يوم المولد، تعلو أصوات الأذكار والإنشاد مع فرق الزوايا الصوفية، التي تجوب شوارع طرابلس بعد أن تعقد جلسات في المساجد، تمجّد فيها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكّر بأخلاقه وتعاليمه. وهكذا تبقى هذه الاحتفالات مزيجًا من الفرح الشعبي والروحانية الدينية.
أعداد: صالحة هويدي
—————–
هوامش تراثية
الخميسة: قطعة خشبية مستطيلة تنتهي بخمس تجاويف توضع في كلا منها شمعة، تُحنّى أحيانًا وتُزيّن بورود ملونة مصنوعة من الكريشة.
القنديل: كان يُصنع من الخيش المنقوع في الكيروسين لغرض الإشعال، ثم تطور لاحقًا ليُلفّ بالورق الملوّن الزاهي.