منصة الصباح
القطاع الخاص.. بين نصوص غائبة وتطبيق متعثر

القطاع الخاص.. بين نصوص غائبة وتطبيق متعثر

استطلاع وتصوير/ عفاف التاورغي

يُعدّ القطاع الخاص ركيزة أساسية لأي اقتصاد يسعى إلى التطور والاستقرار، إذ يسهم في خلق فرص العمل وتنشيط عجلة التنمية وتحريك الأسواق المحلية. غير أن واقع هذا القطاع في ليبيا ما زال يواجه صعوبات حقيقية تحدّ من نموه، رغم اتساع نشاطه في السنوات الأخيرة. وبين النصوص القانونية والواقع العملي تتكشف فجوة واسعة تثير تساؤلات حول مدى التنظيم والعدالة في سوق العمل الليبي، وحول قدرة الدولة على ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل بما يحقق التوازن المطلوب.

قوانين حاضرة.. وتنفيذ غائب..
جلال الدين محمد

يرى جلال الدين محمد أن القوانين التي تنظّم العمل بالقطاع الخاص موجودة وواضحة، لكن الإشكال يكمن في ضعف الرقابة والتطبيق. فالكثير من المؤسسات لا تلتزم بساعات العمل أو بنظام التأمين الاجتماعي، كما يُفصل العامل أحيانًا دون إنذار أو تعويض، في ظل غياب نقابات حقيقية تدافع عن حقوقه.

ويؤكد أن تفعيل القوانين ومراقبة تنفيذها هو السبيل لتحقيق العدالة بين العامل وصاحب العمل، مشيرًا إلى أن العدالة في بيئة العمل أساسٌ للاستقرار والإنتاجية.

قطاع يفتقر للتنظيم..
طارق كعرود

أما طارق كعرود فيعتبر أن القطاع الخاص لا يزال بعيدًا عن التنظيم الفعلي رغم وجود قانون العمل رقم (12) لسنة 2010، مشيرًا إلى أن العمالة الأجنبية تُفضَّل على الليبية لانخفاض تكلفتها.

ويضيف أن ضعف التدريب المهني والحماية القانونية يدفع الشباب إلى العزوف عن الالتحاق بالقطاع الخاص، الذي يعاني من غياب العدالة في الأجور والتأمين الصحي والاجتماعي، مؤكدًا أن الإصلاح يبدأ من وضع ضوابط عادلة وواضحة للجميع.

رقابة محدودة..
محمد علي الزلعوطي

ويؤكد محمد علي الزلعوطي أن الإطار القانوني المنظم موجود، لكن ضعف التنفيذ والمراقبة جعلا من القطاع الخاص ساحة مفتوحة للاجتهادات الفردية. فالإجراءات الحكومية لتنظيم سوق العمل لا تزال محدودة، ولا توجد جهة رقابية صارمة تضمن حقوق العاملين وتوحّد المعايير المهنية والإدارية.

ويرى أن إصلاح هذا الخلل يتطلب رقابة فعّالة وربطًا مباشرًا بين الجهات التنفيذية والمؤسسات الخاصة لضمان الشفافية والمساءلة.

بين الكفاءة والمسؤولية..

وترى شهيرة باشا آغا أن القطاع الخاص يمثل ركيزة للتنمية، لكنه يحتاج إلى توازن بين الربح والمسؤولية المجتمعية، مؤكدة أن “الإنسان هو البداية، والتأهيل المستمر هو مفتاح النجاح”.

وتدعو إلى شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص قائمة على التدريب المستدام وتبادل الخبرات، بما يحقق التكامل الاقتصادي المنشود.

العدالة مطلب لم يتحقق بعد..

رغم وفرة القوانين، يبقى غياب التنفيذ والرقابة العادلة أبرز معوقات تطور القطاع الخاص في ليبيا. فالإصلاح المطلوب لا يقتصر على النصوص، بل يتطلب بناء ثقافة مهنية قائمة على العدالة والمساءلة والشفافية، تُعيد للعامل مكانته كشريك في التنمية، لا كضحية لغياب التنظيم وازدواجية التطبيق.

شاهد أيضاً

غياب التخطيط العمراني فاقم فوضى المدن؟

غياب التخطيط العمراني فاقم فوضى المدن؟

استطلاع وتصوير: أسماء كعال ازدحام وطوابير من المركبات الآلية المتكدسة على الأسفلت، وحركة مرورية صعبة، …