منصة الصباح

القارىء في مواجهة النص

نقطة نظـــام

بقلم / فوزي البشتي

 

ماذا تعني القراءة غير المتحفزة والخالية من الشجاعة ، في مواجهة النص ، سوى أن القارىء قد سمح للكاتب وبوعي تام . أن يجعل منه مجرد مثلث مسلوب الإرادة ، بدلاً من أن يكون شريكاً كاملاً له الحق في مسألة النص ومساجلته.

بالمعنى الآذن ، كان “ردولان بارت” صاحب درجة الصفر في الكتابة ، يردد دائماً “ وعندما لايرتجف الكاتب وهو يكتب فإن عليه أن لايطالب القاريء بأن يرتجف وهو يقرأ . إن لذة النص بالمفهوم الذي قصده رولان بارتي ، هي عصارة الشرامة المثالية بين الكاتب والقاريء.

إذن ما معنى القراءة إذا ما كانت ممارسة عرضية لاتصل بالقارىء إلى لحظة اليقظة ؟ بل ما معنى القراءة اصلاً إذا ما كانت خالية من الأسئلة؟.

لقد انتهى عصر الاجوبة الكبرى ، وها نحن اليوم على مشارف عصر الأسئلة الكبرى وحيث تعيش ثقافتنا العربية المعاصرة في مهب هذه الأسئلة فإن المطالبة بقراءة نقدية لاتغدو ضرباً من ضروب البطر ، بل واجباً حقيقياً يمليه الشعور بأن مامن سبيل امام الثقافة العربية المعاصرة للنهوض بقوة والمساهمة في الكشوفات المعرفية الإنسانية سوى فتح المنافذ كلها امام الأسئلة . نعم لتطرح كل الأسئلة ولتترك حريته الجواب مطلقة السراح!! .

أحياناً يقف المشاهد مثل القارئ الكسول، أمام اللوحة دون أن يكلف نفسه عناء السؤال ، قبل أن نقول عناء مساجلتها وبعد هذا سنراه وهو يتأفف من غموض اللوحة ؟ ولكن أليس الغموض مناسبة مثالية لطرح الأسئلة؟

إن عادات القراءة الكسولة والمشاهدة العابرة التي نشأت في قلب ثقافتنا العربية المعاصرة وترسخت ثم ترعزعت ونمت هي ماينبغي استئصاله من التربية ، فلحظة القراءة هي لحظة كاشفة وليست استرخاء بليداً ، وعندما يكتشف القارئ أن حريته الحقيقية في السؤال لا في الجواب فإنه سيكون انئذ قادراً على ممارسة حقه في البقاء كطرف فعال في معادلة القارىء الكاتب.

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …