تعاني كثير من المجتمعات من تفشي العنف الأسري واتباع أساليب تربوية خاطئة وخطيرة تزرع في الأبناء الخوف والاضطراب بدلًا من الثقة والأمان ، وهذه الممارسات لا تقتصر آثارها على لحظات الغضب والعقاب ، بل تمتد جذورها في النفس لتتحول إلى اضطرابات سلوكية وآثار نفسية عميقة ، تُنتج شخصيات مهزوزة أو عدوانية ، وقد تنحرف نحو تعاطي المخدرات أو ارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها ، إن العنف الأسري لا يدمر الأفراد فحسب ، بل يُفكك الأسر ويزرع البغضاء بين أفرادها ، ليقود إلى الطلاق والتشرد والخصام ، ويتسع أثره ليطال علاقات الأرحام ، حتى بين الإخوة والأخوات ، فتتولد نزاعات وصراعات قد تصل إلى المحاكم والتهديدات وربما ما هو أسوأ ، وهكذا يتحول البيت من مأمن ودفءٍ إلى ساحة صراع ، ويغدو المجتمع مهددا في قيمه وتماسكه ، ومن هنا تبرز الضرورة الوطنية والإنسانية للاهتمام بطب الأسرة والصحة النفسية والعقلية ، وتعزيز طب المشورة والإرشاد الأسري ، والتوسع في برامج الصحة المدرسية ، والعمل على بناء الشخصية السوية منذ الصغر ، ومعالجة التشوهات الأسرية والانحرافات السلوكية قبل أن تستفحل ، كما يجب تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأسر الضعيفة والهشة ، لضمان استقرارها وقدرتها على التربية الصالحة والرعاية المتوازنة ، فالمجتمع السليم لا يُبنى بالعقاب والخوف ، بل بالمحبة والبر والتسامح والتفاهم ، ولا يزدهر بالعنف والانقسام ، بل بالعدل والرحمة والتكافل ، ومن سلامة الأسرة تنبع سلامة المحتمع والوطن ، ومن استقرارها تولد التنمية والعافية والأمان .
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية