هاشم شليق
بعد الإطلاع على بعض الأنظمة التعليمية مثل كندا نجد أن أولياء الأمور يساهمون في تخطيط التعليم المتخصص وفق رغبات الطلاب واحتياجات البلديات كل على حدة والدولة عموما..وفي دول اسكندنافيا تعتمد وزارات التعليم ضمن اليوم الدراسي الأسلوب الترفيهي لتوصيل المعلومة..
وفي اليابان توجد ثانويات للنخب الطلابية بعد إتمام مرحلة الشهادة الإعدادية حتى يتقارب مستوى الطلاب داخل كل فصل تجنبا لدرجة التفاوت التي تحبط أصحاب المعدل المتدني باكرا مما يؤدي إلى حضورهم جسديا وغيابهم ذهنيا ومن ثم انتفاء عقلية التعامل مع الواقع المعاش وتأخر نضج تناول تصاريف الدهر..
ويستدل على ذلك صعوبة فتح الأجيال الحالية مستقبلا لبيت الزوجية..وهنا نلحظ تأثير الإنخراط المجتمعي في المناطق الريفية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية حيث غالبا ما يتضمن العام الدراسي إجتماعات مع عائلات الطلاب..والجدير بالذكر ما قالته وزيرة الدولة للتعليم الابتدائي والثانوي في هولندا حول ضرورة تقليص فترات استخدام الأطفال والمراهقين للنقال في غير وسائل التواصل التعليمية..حيث خلصت دراسة هناك إلى أن حظر جلب الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الأخرى إلى المدارس الهولندية أدى إلى تحسين التركيز بين الطلاب..بعد ارتفاع نسبة مستخدمي النقالات فيما لا يفيد في المنزل والشارع والسيارة والذي يقود إلى تبلد الذهن..
وذكر 75% من طلاب المدارس الثانوية التي شملتها الدراسة والبالغ عددها 317 مدرسة ثانوية أن التقنين اليومي لإستعمال للنقالات كان له تأثير إيجابي على تركيز الطلاب..وكنتيجة لذلك لاحظ ما يقرب من ثلثي الطلاب تحسنا في المناخ الاجتماعي داخل مدارسهم ولاحظ ثلثهم تطورا في الأداء الأكاديمي..
من ناحية أخرى لابد من تزويد الطلاب بالمعرفة الأكاديمية الأساسية التي تتطلب وعاءا زمنيا أكبر..أما المواد المكملة فيمكن للطالب الإطلاع عليها داخل مكتبة المدرسة..وبعد ملاحظة مخرجات الأساليب التعليمية التقليدية اتضح أنه من المهم تنمية المدارس لمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والقراءة والكتابة والتواصل والمهارات الرقمية اللازمة للحياة الشخصية والمهنية..كما يمكن إدراج التدريب المهني العملي نحو إعداد الطلاب للإلتحاق بالجامعة أو المعاهد التقنية أو المباشرة بعد الشهادة الثانوية في سوق العمل..
فمن غير المنطقي إضاعة وقت طالب الثانوي في دراسة مواد لا تخدم ميوله التعليمية الجامعية نتيجة زحمة المواد..فصاحب السبع صنعات لا يتقن صنعة..ذلك يقود حتما إلى الحفظ أكثر من الفهم لذا يصطدم غالبية الطلاب بتغيير مسار الطرق التعليمية الجامعية ومتطلبات التخصص الجامعي التي يبدأها من الصفر وكأنه لم يدرس 12 عاما قبلها..فالطالب الجامعي كمثال تقريبي يستلزم منه معرفة تركيب خيمة البحر على الشاطيء وليس عدم الدراية بالفرق بينها والجبلية أو الصحراوية..
كما تكون المدارس أول مكان يتفاعل فيه الأطفال والبالغين مع أقرانهم القادمين من خلفيات اجتماعية مختلفة مما يعزز التسامح والقبول والتناغم الوطني حفاظا على النسيج الإجتماعي..فكلمة مدرسة بالإنجليزية تعني
يعلم ويربي ويدرب ويروض ويؤدب ويضبط أي خلق المناخ التعليمي التطبيقي تحت مظلة البيئة الإجتماعية الفعالة..يجب احياء اجتماعات أولياء الأمور والمعلمين كعنصر أساسي في تعليم الطفل ونموه..فهي تتيح فرصة منتظمة للتعاون فيما بينهم من خلال مناقشة نقاط قوة الطالب وتحدياته وأدائه في المواد الدراسية..وهنا يأتي دور الأخصائي الإجتماعي في فهم سلوك المتعلم داخل الفصل الدراسي وخارجه ومدى تفاعله ومشاركته مع أقرانه..
كما يتشارك أولياء الأمور ملاحظاتهم أو مخاوفهم من المنزل ومن ثم تقدم كوادر المدرسة اقتراحاتها..اليوم تقدم العديد من المدارس اجتماعات افتراضية عبر وسائل التواصل الإجتماعي لزيادة إمكانية الوصول..
أخيرا يتطلب التنويه أن العالم يتجه إلى إلغاء الكتب والفصول الدراسية ومحركات البحث في الإنترنت والمعلمين ليستعيض عنها بدروس الأونلاين وأدوات الذكاء الإصطناعي والروبوت..
لذا لابأس أن نجهز آباء وأمهات الغد لهكذا تغيير تدريجي بدأت ملامحه تتضح..حتى لا تحدث فجوات تعليمية مستقبلا بيننا والغير..فيكفي إننا تأخرنا عن الركب في كل مرحلة في الماضي وحان وقت الوقوف على خط السباق هذه المرة..