بوضوح
بقلم : عبد الرزاق الداهش
دخلت امريكا افغانستان لضرب من كانت تراهم أعداء، وخرجت منها لتترك من لا تراهم أصدقاء.
في المرة الأولى ذهبت إلى كابول (بقضها وقضيضها) لحماية هيبتها، وفي المرة الثانية انسحبت من كابول لأجل مصلحتها.
لا الامريكيين كانوا يعملون (لله في لله)، ولا الروس قبلها كانوا يضحون من أجل الاممية الخامسة.
وعلى قول الروس لا شيء بالجان إلا الجبنة في مصيدة الفيران، يوكد الامريكيون، بأن لا توجد دولة هي مجرد جمعية أيتام.
واشنطن لن يضرها الخروج من هذا البلد البأس، قد يفيدها وجود دولة سنية تتحرش بظهر إيران الشيعية.
المهم هذا ليس الدرس الوحيد الذي يمكن استخلاصه من القصة الافغانية، ولا حتى الدرس الأهم.
فاذا أخذنا متوسط دخل الفرد في سنغافورا، سنكتشف أنه يساوي دخل الفرد في افغانستان ستين مرة.
لماذا كل هذا الفارق الهائل، رغم ان الافغاني انتزع استقلاله قبل أن يتورط السنغافوري في ذلك بنحو نصف قرن؟
السر في دولة المواطنة، التي يتحول فيها التنوع، إلى تعددية خلاقة، وليس دولة القبيلة، والطائفة والعرق، التي يتحول فيها التنوع إلى حرائق وصنبور دماء مفتوح.
والسر في الدولة التي يراها مواطنوها كمشروع لتحسين جودة الحياة، وليست الاخرى التي يراها رعاياها كغنيمة، أو راتب اخر الشهر مقابل شهادة الميلاد.
طلبان هي حالة اتحاد بين الاغلبية الاثنية الباشتون، والفقه الفقه السلفي الجهادي بكل تزمته.
تكونت طالبان بالمال والفقه السعودي، والجهد الباكستاني، ايام كان بن لادن مجرد مقاول لتنفيذ مدارس بيشاور.
ستظل طالبان كما هي، وافغانستان كما هي، وسيتحول اختلاف الجهاديين حتى على نقائص الوضوء إلى حرب، واختلاف القبائل البشتونية على بئر ماء إلى نزيف دم.
الدول تبني بالمعرفة، والمنفعة العامة، وصناعة الحياة، وليس بالغنيمة، والقبيلة، وعقيدة الموت.