منصة الصباح

الضغوطات على ليبيا… والحل؟!

محطة

هاشم شليق

هل تعلم لماذا لم تعد أوروبا تسمح لنا بالعبور إليها؟!.. لأنه، يا صديقي الأفريقي، بعد التدفق الكبير للاجئين خلال الأزمة السورية، وقعت اعتداءات ليلة رأس السنة في مدينة كولونيا الألمانية… وفي السويد، ارتبط تزايد العنف بالأجيال الشابة المهاجرة، كما أن بعض مرتكبي هجمات باريس استغلوا طرق اللجوء إلى أوروبا. وقد أدّت شرارة هذه الأحداث إلى تشديد أمن الحدود في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

بل إن بعض المدن الأوروبية أعلنت حظر تجول من الساعة 11 مساءً حتى 6 صباحًا داخل مراكز إيواء المهاجرين، بعد تدهور الوضع الأمني.

وتاريخيًا، وإن ظننت أنه خارج السياق، فإن الغرب لم ينسَ ثورة مانديلا على نظام الفصل العنصري، تمامًا كما لم ينسَ ردّة فعل حنبعل عندما غزا جبال الرومان بالأفيال!

فردّ قائلاً: “حسنًا، في بعض الأحيان تحظى الجرائم المعزولة التي يرتكبها مهاجرون بتغطية إعلامية مضلّلة، تُسيء لباقي المهاجرين. وماذا عن وعود التنمية في دول المصدر؟… ذلك ليس واردًا، لأنكم تأتون من دول الساحل والصحراء، والتي تشكّل حاليًا حزامًا عسكريًا للدول الكبرى، سواء وفق ترتيبات أو صراعات.”

فقلت: “إذن لا مناص من التزاحم على حدودكم الجنوبية؟!”

فأجاب: “الهجرة ليست تهديدًا، بل هي جزء من التاريخ البشري. وحيثما ترتفع معدلات الجريمة، غالبًا ما تكون مرتبطة بمستوى المعيشة وقلة الفرص في دول العبور، لا بحالة الهجرة نفسها.”

قلت له: “لكن غالبًا ما تُثقل الهجرة غير المنظمة كاهل أنظمة الخدمات العامة، وتزيد من المنافسة في أسواق العمل، خاصة عند الدخول بأعداد كبيرة وغير مدروسة. ناهيك عن أن غياب التعاون الدولي قد يؤدي إلى توترات إقليمية، فضلًا عن تحديات التعامل مع من يشعرون بالتشرد الاقتصادي بسبب العمالة الوافدة.”

فقال: “لكن يمكننا سدّ فجوات العمل، والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.”

قلت له: “يصل كثيرون منكم دون مهارات، ويحتاجون إلى سنوات من الدعم، خصوصًا أن العديد من المهاجرين لا يدفعون ضرائب أو رسوم خدمات.”

فعلّق قائلاً: “لكنهم يساهمون أكثر مما يأخذون. وغالبًا ما تكون الأعباء الاقتصادية مؤقتة، ومع سياسات مدروسة تصبح الهجرة مصدر قوة.”

فقلت له: “العالم غير قادر على الاستيعاب أزماتياً. ها هي أمريكا، التي ساهمت العبودية في بنائها، وقد مات نصفكم في البحر، بدأت في الترحيل. وفرنسا كذلك تتحسّب لاشتعال فتيل الوجود الأفريقي على أراضيها. بمعنى أنكم كنتم يومًا ورقة اقتصادية رابحة، حين تم امتصاص ثروات بلدانكم، وأنتم في أراضيهم.”

فسألني: “إذن، كيف يمكن إعادة بناء ثقة الجمهور، خاصة أن في ليبيا أصحاب بشرة سمراء منذ القدم؟”

فقلت: “ربما من خلال مسار واضح وعادل للمهاجرين غير المسجلين الذين عاشوا وعملوا لسنوات، لكننا سنضع إجراءات صارمة مرتبطة بالاحتياجات الوطنية، خاصة الخطوط الحمراء المتعلقة بالأمن القومي وقدرة البنية التحتية.”

فسأل: “هل تقصد أن ترحيل العاجزين صحيًا وقانونيًا هو لصالحكم، وليس خشية منّا؟”

فأجبته: “يا صديقي، الضغوطات الخارجية التي تطالب باحتواء المهاجرين، تتذرّع بالمساحة الجغرافية الواسعة والفراغ الديموغرافي، مقابل الحصول على دعم سياسي لمسار المصالحة الوطنية، حتى قبل ما يُسمى بالانتخابات.”

تلك الضغوطات تُبنى منذ زمن، وبرزت مع صعود اليمين المتطرف في الغرب، وسنّ قوانين الحد من الهجرة.

أقول: من أجل ليبيا وأفريقيا، ربما يكون من الأجدى توقيع اتفاقية مع دول الجوار الليبي، على غرار إعلان قرطاجنة في أمريكا اللاتينية.

شاهد أيضاً

اجتماع بوزارة الداخلية لبحث دعم السودانيين في ليبيا

اجتماع بوزارة الداخلية لبحث دعم السودانيين في ليبيا

 الصباح   عُقد اليوم اجتماع بمكتب وزير الداخلية ضم رئيس قسم المنظمات بالوزارة، وسفير السودان …