بقلم /علي مرعي
يبدو أن الاتفاقية البحرية والأمنية التي وقعتها حكومة الوفاق الوطني مع تركيا قد أحدثت صدمة إيجابية في المجتمع الدولي إلى جهة التحرك لإيجاد حل للأزمة الليبية .
فمنذ حوالي أكثر من تسعة أشهر والحرب مستعرة في جنوب طرابلس مع ما خلفته من دمار وقتل وتشريد وتهجير، إلا أن العالم وخصوصا تلك الدول ذات الصلة بالشان الليبي ظلت تعلن وبشكل خجول عن ضرورة إيجاد حلول لإيقاف الحرب، في وقت أن هذه الدول قد أطالت أمد الحرب عبر ما تقدمه من دعم عسكري ولوجيستي دون أن تتخذ مواقف حاسمة حيال الأزمة.
ولكن السؤال المطروح الآن ، هل كان بالإمكان أن يتحرك المجتمع الدولي للتأثير على أطراف النزاع في ليبيا ووقف إطلاق النار لولا التدخل التركي؟
لقد أدرك العالم اليوم أن الأزمة الليبية ما لم تأخذ طريقها إلى الحل فإن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التعقيد والتوتير، خصوصا إذا ما تدخل الجانب التركي عسكريا بشكل مباشر، الأمر الذي ربما سيتيح الفرصة لبعض الدول بالتدخل أيضا، وهنا ستصبح المسألة تصفية حسابات دون النظر إلى معاناة الشعب الليبي باعتباره الخاسر الأول والأخير من استمرار الوضع كما هو عليه .
منذ أن وقعت الاتفاقية بين ليبيا وتركيا والعالم أصبح كخلية نحل ، اتصالات ، محادثات ، لقاءات صحفية ، عقد مؤتمرات هنا وهناك وكلها من أجل التوصل إلى حلول تنهي حالة الصراع الدموي في ليبيا ، وحتى اللحظة لم تنتج كل هذه المحاولات عن صيغة ملائمة ترضي جميع الأطراف .
إن الأزمة الليبية وما فيها من تعقيدات تشبه إلى حد ما الأزمة اللبنانية في السبعينات والتي استطاعت بعد خمسة عشر عاما من الاقتتال الداخلي وبعد توافق الدول الإقليمية والدولية فيما بينها على إنهاء الصراع تم التوصل إلى صيغة عملية عبر ما سمي آنذاك اتفاق «الطائف» . وما يحدث في ليبيا اليوم من تدخل بعض الدول في الشأن الداخلي الليبي قد زاد المشهد ضبابية وأصبحت كل دولة تحاول أن تفرض شروطها وأجندتها وإلا فإن كل التسويات والحلول الموضوعة ستتعرقل ولن تجد طريقها إلى الحل.
إن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ مواقف أكثر إيجابية وإظهار إرادة سياسية حقيقية بعيدا عن المواربة ودون تلكؤ للحيلولة دون تصاعد الأزمة وخروجها عن السيطرة ،كما حدث في كثير من أماكن الصراع في العالم ، إذ لم يعد خافياً على أحد أن الأزمة الليبية أصبحت امتدادا للصراعات والخلافات السياسية والاقتصادية بين دول إقليمية ودولية ، وبالتالي فإذا كانت هناك رغبة ملحة في تبلور موقف دولي إزاء إيجاد حل سياسي ومطالب بإيقاف إطلاق النار، فعلى الأمم المتحدة أن تستغل مثل هذا الموقف وتعمل على إيجاد الأرضية المناسبة للضغط من أجل إنهاء الصراع .
وحري بنا ونحن نرى الجولات المكوكية لمسؤولي بعض الدول المعنية بالحالة الليبية وهم يجولون ويصولون من عاصمة إلى أخرى لترطيب الأجواء وإحداث فتحات في الجدار الصلب بهدف التوصل إلى صيغ علها ترضي كل الأطراف ومن ثم التأثير على أطراف النزاع بغية استمرار وقف إطلاق النار والحيلولة دون خرقه إلى أن يتم الاتفاق على حل دائم للأزمة ولأن نتساءل ، هل سنشهد في الأيام المقبلة انفراجات وحلولاً أم سنشهد توترات وتعقيدات ؟.