منصة الصباح

الزجاج النيزكي.. كنوزٌ تتناثر في الصحراء الليبية

تُخفي رمال الصحراء الليبية الملتهبة، اسراراً جيولوجية تعود لملايين السنين، وكنوزاً ثمينة مدفونة، أهمها “زجاج الصحراء الليبية“، أحد أندر انواع الزجاج الطبيعي على الكرة الأرضية..

ويُعرفُ “زجاج الصحراء الليبية” علميًا باسم Libyan” Desert Glass”، وهو نوع من الزجاج الطبيعي، تشكَّل بفعل حرارة هائلة انصهرت بها رمال السيليكا، منذ نحو “29” مليون سنة، نتيجة ما يُعتقد أنه انفجار نيزكي هائل ،ضرب المنطقة الواقعة بين ما يُعرف اليوم بحدود ليبيا ومصر..

ويتراوح لون هذا الزجاج النادر جداً، بين الأصفر الشفاف والأصفر الذهبي، ويظهر أحياناً بلون مائل إلى الأخضر أو الأبيض اللبني، ويتميّز ببريقه اللافت وشكله غير المنتظم، وينحصر وجوده في منطقة محدودة تُعرف باسم “الجلف الكبير”، في جنوب شرق ليبيا وشمال غرب مصر..

حُلي بالزجاج الليبي..

وجذب هذا الزجاج، قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، اهتمام المصريين القدماء، حيث وُجدت قطعة مصقولة من الزجاج الليبي مدمجة في الحلية الجنائزية للفرعون “توت عنخ آمون”، على شكل خنفساء منحوتة بدقة، ما يعدّ من أقدم الشواهد على استخدامه..

وازداد الطلب العالمي على هذا النوع من الزجاج، في السنوات الأخيرة، وبدأ يظهر في أسواق الأحجار الكريمة، خصوصًا في أوروبا وآسيا، وتباع بعض القطع النادرة أو المصقولة بأسعار قد تصل إلى آلاف الدولارات، لا سيما إذا كانت نقية، أو ذات شكل مميز يصلح للتحف أو المجوهرات..

الزجاج الليبي.. كنوز السماء..

وتقول مصادر في أسواق المزادات الإلكترونية إن أسعار القطعة الواحدة – بحسب حجمها وصفائها – تتراوح ما بين 200 إلى 5,000 دولار، وقد تصل إلى أكثر من ذلك إذا كانت نادرة الشكل أو مدمجة في عمل فني..

ويثير استغلال هذا المورد جدلاً قانونيًا وأخلاقيًا، رغم قيمته العالية، إذ يُعد زجاج الصحراء الليبية جزءًا من التراث الطبيعي الوطني، ويُحظر في بعض البلدان جمعه أو تصديره دون ترخيص، خصوصًا في ليبيا ومصر..

وقد ظهرت خلال السنوات الماضية تقارير متفرقة عن تهريب كميات من الزجاج عبر الحدود الصحراوية، ما دفع بعض الجيولوجيين والناشطين البيئيين، للمطالبة بسنّ قوانين أكثر صرامة لحمايته، وتنظيم استخدامه في السياحة العلمية أو العرض المتحفي..

و يرى خبراء أن بإمكان ليبيا – إن أحسن التخطيط والتنظيم – أن تستثمر هذا المورد النادر في مجالات مثل السياحة الجيولوجية، أو من خلال عرض عينات منه في متاحف وطنية، أو تسويق قطع محددة منه تحت إشراف الدولة، على غرار ما تفعله دول أخرى تمتلك معادن نادرة..

ويحتاج هذا الأمر إلى وعي رسمي وشعبي بأهمية الزجاج، ليس فقط كحجر كريم، بل كجزء من الذاكرة الأرضية الفريدة التي تسكن الصحراء الليبية..

شاهد أيضاً

“فيسبوك” يعود إلى جذوره بميزة جديدة

الصباح في محاولة لإعادة إحياء تجربة المستخدم الأصلية وتعزيز مكانته في سوق التواصل الاجتماعي التنافسي، …