منصة الصباح

الصحة

الصحة

د. علي المبروك أبوقرين

الصحة مفهوم واسع ومتشعب وليس الخلو من المرض فقط ، فالصحة هي حماية الناس جسديا ونفسيًا وعقلياً وروحيا من إحتمالية الاعتلالات الجسدية والنفسية والعقلية وتحقيق الرفاه والحياة الكريمة ، وأن تهئ البيئة ليعيشوا الناس حياة خالية من أي امراض وراثية آو تشوهات أو أمراض وبائية أو بيئية ، وأن يعيشوا في بيئة صحية غير مسببة لأي نوع من الأمراض وخالية من التلوث الناجم عن المياه الغير صالحة للشرب والزراعة ، أو من تكدس النفايات وعدم توفر أنظمة معالجة صحية وصحيحة لها ، وانظمة الصرف الصحي السيئة ، أو انعدام أي انظمة للصرف الصحي ، والتلوث الغذائي الناجم عن كل الأنشطة الزراعية المخالفة للشروط الصحية والبيئية ،

وسوء كل الأنشطة والعمليات التي يتم بها جني وتخزين وتصنيع ونقل كل المنتجات الزراعية ومصنوعاتها الغذائية المخالفة للأنظمة والشروط الصحية والبيئية ، مع بيئات العمل والدراسة والسكن والإقامة السيئة والمخالفة للشروط الصحية والبيئية ، والصحة مفهوم شامل للأنسان ومحيطه والأرض التي يعيش وينمو عليها ، والبيئة التي يعيش فيها ، وصحة الحيوان والنبات وكل شئ يؤثر في حياة الناس ، والصحة هي خلو جميع الأنشطة الاقتصادية من أي مضار آنية أو مستقبلية مهما كانت فردية أو جماعية محلية أو دولية تجارية أو صناعية أو غيرها من الأنشطة الاقتصادية ، والقطاع الصحي هو المنظومة المنوطة بتعزيز الصحة وتمكين الناس من صحتهم ، ووضع السياسات والإستراتيجيات والخطط والبرامج لتنفيذها ، والمنوطة بالوقاية وحماية الناس من جميع الأمراض بالتوعية المجتمعية ، والتمنيع والتحصين بجميع الوسائل المتاحة ، ومنها اللقاحات ، والكشف المبكر والتقصي والترصد ، ووضع الإستراتيجيات والبرامج التنفيذية لذلك ، والقطاع الصحي هو المنظومة الوقائية المنوطة بتنفيذ برامج الرعاية الصحية الأولية الشاملة التي تغطي حياة الناس من قبل الميلاد الى مابعد الوفاة ، لكل الناس وفي كل مكان أينما وجدوا وحيثما كانوا وبنفس الآليات والإمكانات والجودة ، والقطاع الصحي هو المنظومة الاستشفائية التي توفر العلاج اللازم والناجع لكل الناس في كل مكان وفق المعايير العالمية بإمكانيات متكاملة وغير منقوصة تتماشى مع أعلى النظم الصحية في العالم بمستشفيات متكاملة بسعة سريرية تفوق الحد الاقصى المطلوب ، وتجهيزات طبية حديثة متكاملة ، وسلاسل إمدادات للأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية والتموينية وجميع الاحتياجات التشغيلية ، لجميع المرافق الصحية مهما صغر حجمها وقلت وظيفتها الى الأعلى والأكبر حجم ووظيفة وتخصص ، والقطاع الصحي هو النظام الذي يعمل به قوى عاملة إدارية وفنية وتمريضية وطبية وطبية مساعدة مؤهلة ومدربة وقادرة على القيام بواجباتها وفق معايير جودة الخدمات الصحية العالية ،

مستوفية كل شروط ومتطلبات التعليم والتدريب الطبي والصحي والاداري والفني الحقيقي والمعتمد ، ولا مجال لأي من كان من الغفير للمدير غير مجاز ومرخص ومعتمد من الجهات المعنية والمسؤولة بالدولة كل في مجاله وتخصصه ، والقطاع الصحي هو المنظومة المنوطة بالتعامل مع الطوارئ والازمات والكوارث والحوادث مهما صغرت أو كبرت ومهما كانت طبيعتها وأسبابها ،

بالاستعدادات اللازمة لها والامكانات المتطورة ، ونظم الاستجابة السريعة ، ووضع السياسات والإستراتيجيات والخطط والبرامج والسيناريوهات التي تحقق الجاهزية والإنقاذ والإخلاء والفرز والإحالة والتعامل مع الحدث من بداية النداء في نقطة وزمن الحدوث الى اي درجة مطلوبة للاستشفاء والعلاج بالسرعة والسهولة واليسر وفق المعايير الدولية لطب الطوارئ والازمات والكوارث ، والقطاع الصحي السليم هو النظام الصحي المتكامل والقوي والقادر على الاستجابة والمرونة ويحقق التغطية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية ، والآمن الصحي لكل الناس في كل الأوقات في جميع الأماكن ، وتُطبق جميع السياسات الصحية في كل القطاعات الحكومية ، والصحة في التعليم بكل مستوياته , والاقتصاد والزراعة والبيئة والصناعة والعمل والشباب والرياضة والسياحة والاعلام والثقافة وكل مناحي الحياة ، والنظام الصحي القوي هو النظام المتماسك الغير مفتت كالجزر المتناثرة , والمكتملة أركانه وتكامل جميع مستويات الخدمات المقدمة من خلاله .

النظام الصحي القوى والسليم هو الذي لا يخضع للحسابات التجارية والاقتصادية الربحية ، وسياسة الاسواق الحرة لأن حياة الناس ليست للمتاجرة ، والمرض ليس سلعة ،

وعداها الصحة ستكون الداء والاقتصاد هو العلة والأمراض صناعة تتقنها قوى الشر ، والخاسر الأكبر هو المجتمع الذي تتحول أمراضه لمشاريع اقتصادية مفتوحة أسواقها للغش والتدليس والتزوير في الشهادات والخبرات والممارسات والمعاملات ، والأدوية والمستلزمات والمعدات ، وتتحول الحياة الكريمة لبورصة الأسهم والتأمين والتمويل والتكلفة والربح والخسارة ، ويتحول المجتمع للاستغلال والابتزاز والمتاجرة في أعز ما يملك صحته ، وينفق كما هو الحال خمسة أضعاف على فاتورة علاجه ، وكل مدخراته ودخله من مرض ليس هو السبب فيه ولن يشفى منه ..

سلوكيات وممارسات رخيصة لم يفعلها حتى المستعمر …
الصحة حق أصيل لحياة كريمة
حفظ الله أمتنا من أنفسنا

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …