تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة حرجة، تواجه فيها تهديدات خطيرة، مع تصاعد الشرور والإرهاب والإبادة التي تمارسها الأنظمة الفاشية والصهيونية، والتي بدأت منذ أن زرعت القوى الاستعمارية الصهاينة في قلب الوطن العربي في فلسطين. لقد تحملت فلسطين المحتلة والدول المجاورة أعباءً ثقيلة تمثلت في فقدان الأرواح والأراضي وتراجع الاقتصاديات، وتوقفت عجلة التنمية بفعل هذه الصراعات المستمرة. الوضع الراهن ينذر بالخطر، وتواجه الدول القريبة والبعيدة تهديدات متزايدة.
يعتبر القطاع الصحي الحصن الواقي لأي بلد وأي مجتمع، وتزداد التحديات والأعباء عليه في أوقات الأزمات والصراعات والحروب. هذه التحديات تنعكس بشكل مباشر على صحة الناس وحياة المرضى. خلال الحروب، يتعرض القطاع الصحي والعاملون فيه لتهديدات مباشرة، حيث تكون المستشفيات والمرافق الصحية ومنظومات الإسعاف في مرمى الخطر، وما يحدث في غزة يمثل خير دليل على ذلك. العدو الصهيوني ومن يدعمه لا يردعهم قانون دولي ولا إنساني، ما يتطلب وضع خطط وبرامج تضمن جاهزية النظام الصحي وقدرته على الاستجابة السريعة بمرونة واستعداد تام لمواجهة أي طارئ.
ينبغي توفير المخزونات الكافية لتسيير القطاع الصحي، من الأدوية والتطعيمات والمستلزمات والمعدات والغازات الطبية والوقود والكهرباء والمياه والتموين والخدمات العامة المساندة. كما يجب وضع خطط حماية للمستشفيات والأطقم الطبية وخدمات الإنقاذ والإسعاف والطوارئ، وتأمين سلاسل الإمداد للمرافق الصحية، بالإضافة إلى التدريب العملي على خطط الطوارئ والإخلاء الطبي والتعامل مع الجرحى والمستشفيات الميدانية والاستخدام الأمثل للإمكانيات. تأمين غرف العمليات التسييرية التي تحمي القطاع الصحي بالكامل وخلق قنوات اتصال مع العالم العربي والإقليمي والدولي لتأمين الاحتياجات الضرورية وتوفيرها للمرافق الصحية، إلى جانب تأمين وسائل نقل المرضى والجرحى والإخلاء القسري للمرافق الصحية.
يجب العمل على منع الأضرار وحماية القطاع الصحي والمدنيين من أي أخطار قد تتعرض لها البلاد. القطاع الصحي بحاجة إلى وقفة جادة وعاجلة وإعادة هيكلة شاملة ليكون النظام الصحي قادراً على الاستجابة السريعة لجميع التحديات والتهديدات مهما كانت شدتها. يجب أن يكون النظام الصحي على درجة عالية من الاستعداد والمرونة ليتمكن من التعامل بفعالية مع جميع الأضرار وأسبابها ونتائجها، مع ضرورة الاستفادة من التجارب المحلية في الصراعات الداخلية وجائحة كورونا، ومن تجارب الدول في الحروب السابقة، وما يحدث الآن من صراعات في المنطقة.
التنبؤ بالأسوأ في الحروب والكوارث والاستعداد لها يخفف من أضرارها ويقلل من خسائرها البشرية والمادية. الوضع الصحي السيئ في أوقات السلم سيكون كارثياً في أوقات الحرب والكوارث الطبيعية. النظام الصحي القوي والفعال والمنصف هو ما تطمح إليه الأمة من أجل صحة أفضل ورفاه دائم. حفظ الله بلادنا، ونصر الله أمتنا العربية والإسلامية، وحرر فلسطين الغالية.