منصة الصباح

الصحافة.. ويوم الصحافة..

عبد الرزاق الداهش

ذات سؤالٍ عن الصحافة والدستور، كنتُ قد تواجدتُ في جلستين مع أعضاءٍ من لجنة صياغة مشروع الدستور..
وكانت متطلبات ثلاثة لخّصتُ فيها إجابتي عن السؤال، لعلَّ أهمها هي حرية النفاذ للمعلومة كحقٍ مُدستر..

لا أتصور أن تكون هناك حريةٌ للصحافة، بدون توفر حرية النفاذ للمعلومة..

هناك فهمٌ غير دقيق لحرية الصحافة، وحتى لَبْس بين حرية الصحافة، وحرية الرأي..
الجهد الأكاديمي اتّجه دائماً إلى تاريخ الصحافة، وغفل عن حقيقة وماهية المهنة الصحفية..
كما ظلَّ كُتَّاب الرأي هم الأكثر من يتكلم عن حرية الصحافة..

وتبعاً لذلك، حدث الخلطُ بين ما هو حق لكاتبِ الرأي، وما هو وظيفة للصحفي..

فإذا كان من حقَّ الكاتب أن يُفكر بصوتٍ مرتفع، فمن واجب الصحفي تلبية حقّ الناس في الوصول للحقيقة..

المشكلة بالنسبة لنا، ليست غياب قانون يؤمّن للصحفي النفاذ للمعلومات، لأن الأسوأ هو سطوة ثقافة التكتّم..

تسأل مستوصف قروي عن حالاتِ التردد، فلا تجد من يجيبك، كما لو أن ذلك سرٌّ خطير يتعلق بالأمن القومي..

حقُّ النفاذ للمعلومة يختزل كل شيء، فيما يتعلق بالتضييق على الصحفيين، وعلى المؤسسات الصحفية..

ولهذا، قد تتجول في الشارع العام برشاش، ولكن سيتم إيقافك من أول رجل أمن لو كنت تحمل كاميرا..

حرية وصول الصحفي للمعلومات، والتحقق من البيانات، يعني حصول الناس على الحقيقة، ومن غير عناء..

وأمام حرية تداول المعلومات، والنفاذ إليها، لابد من حرية المؤسسة الصحفية، أو بمعنى آخر استقلاليتها..

والشرطُ الأساسي في استقلالية المؤسسات الصحفية، هو الرأس مال الصامت، أي عدم تدخل المالكين أو المانحين في سياستها التحريرية..

ودون تحقّق هذا الشرط (فقُل لي من يمولك أو من يملكك، أقول لك من أنت)..

قد تكون لدينا قنوات تلفزيون، وجرائد، وإذاعات، ومؤسسات صحفية أخرى، ولكن قد لا تكون لنا صحافة بالمعني المهني..

جودة الصحافة من جودة الصحفيين، من توفر البيئة الصحفية، من حماية الضمير الصحفي..

هناك خطوات تحقّقت، وعلينا ان نُشيد بها، وهناك خطوات ينبغي أن نمشيها، الطريق طويل ولكن الحل إطلاقاً ليس التوقّف في محطة الإحباط..

شاهد أيضاً

يعطي بنته ويزيد عصيدة

جمعة بوكليب زايد ناقص لم يكن في حسباني، يوماً ما، أنني سأتحوّل إلى كاتب مقالة …