حوار/ خلود الفلاح
مروان كامل المقهور، روائي ليبي، صدرت له هذه الأيام روايته الأولى ” أفاطِمَ مهلاً” عن دار الفرجاني 2023، تدور أحداث الرواية حول فاطمة التي تغادر ليبيا مع زوجها الصادق وابنهما الطاهر إلى ايطاليا رفقة عدد من المهاجرين في أحد القوارب التي تعبر البحر المتوسط هربا من الحرب والفوضى بحثا عن الأمان، وكانت لوحة الغلاف بعنوان “بقايا غرق” للتشكيلية نجلاء شوكت الفيتوري.
تعالج الرواية العلاقات الانسانية التي تتكون بين المهاجرين كالعلاقة التي نشأت بين فاطمة وكاترينا الإيطالية،
وتتخذ الرواية من مدينة بيزا الإيطالية مسرحا لإحداث الرواية وهموم شخصياتها أمثال “وضاح” الشاب الليبي الذي خسر تجارته وحبيبته، المحامي “أنجيلو” الذي كان يتعامل مع المهاجرين بشيء من التعالي، صاحب المحل العجوز السنيور “فاردي” الذي يعاني ألم فراق ابنه ويخاف من الموت وحيدا. يبدو أن الهم الإنساني هو الذي جمع بين شخصيات الرواية.
مروان كامل المقهور ينضم إلى قائمة كٌتاب الرواية في ليبيا، الذين قدموا أعمالا جديرة بالقراءة والنقد، وفي هذا الحوار يتحدث الروائي مروان المقهور عن الكتابة وشخصيات روايته، وما الذي دفعه إلى عالم الرواية؟
ـ لماذا تكتب؟
ـ نشأت في بيت وأسرة تقرأ وتكتب، ونشارك ما نكتبه فيما بيننا حتى قبل النشر، ولكنني لم اكتب عملا ادبيا من قبل، فهذه روايتي الأولى، لذلك فأنا لا اعتبر نفسي كاتبا بعد.
ـ هل أصبح الروائي اليوم مؤرخا؟
ـ الرواية غالبا ما تكون تجسيدا للواقع كما يراه الكاتب، فهي بالضرورة تتناول أحداث فترة تاريخية معينة احسها المؤلف عاشها بنفسه أو حتى قرأ عنها وتفاعل معها.
ـ “أفاطم مهلاً” هي روايتك الأولى، ما هي المشاعر التي داهمتك وأنت تطلقها للنشر؟
ـ بدأت كمنشور بسيط، فصل واحد على الفيسبوك ولم تكن رواية ولم تكن مكتملة الأحداث ولا الشخصيات، تناولت موضوع واحد ويمكن اعتبار الفصل قصة قصيرة قائمة بذاتها، ولاقت تشجيع من الأصدقاء، ثم تفرعت وتشعبت ونمت وأزهرت.
مشاعر الكتابة جاءت مع الشخصيات المختلفة عند محاولة تدوين مشاعرهم وهواجسهم ومحاولة فهم ما يمرون به في ظروفهم ومواقفهم المتنوعة. تجربة جديدة ومثيرة.
ـ تتحدث روايتك عن نساء مكافحات يواجهن نظرة المجتمع الضيقة بكل شجاعة، مثل كاترينا الإيطالية وفاطمة المهاجرة الليبية، فهل يمكن أن تغير الأعمال الأدبية ثقافة العنف والنظرة الاحادية للنساء؟
ـ صحيح، الكل يعلم بأن النساء يواجهن العديد من العقبات في مختلف المجتمعات وليس في مجتمعنا فقط ولكن الرواية لم تتطرق إلى موضوع العنف وإنما معاناة المرأة من بعض العادات السيئة وسلبيات اجتماعية أخرى حتى في العلاقات الأسرية واتمنى أن تدعو بعض المواقف التي تناولتها الرواية التدبر والتفكير.
ـ ما الدافع وراء اختيار عنوان الرواية “أفاطم مهلا” وهي في الأساس قصيدة للشاعر أمرؤ القيس؟
ـ في البداية كان العنوان مختلف، “أحيا من أجل ابتسامة’، والذي ظل مستخدم كتقديم في الفصل الأول، استخدمت اسم فاطمة في مداخل الفصول من أشعار وأغاني مختلفة، ولكنني وجدت في أفاطم مهلا معاني مختلفة، إلى جانب كونه من أهم اشعار الغزل، فأن أمرؤ القيس يخاطب المرأة بتقدير ويجعل لها في الأبيات مكانة رغم أنه من العصر الجاهلي القديم، وفي الجملة لوحدها، دعوة إلى الصبر والتريث وايضا التمهل فيما يتعلق بالتغير الكبير في حياة المهجر أو ربما حتى في الانفتاح على ثقافات جديدة تصلنا.
ـ لماذا اخترت مدينة بيزا الإيطالية لتكون مسرحا لأحداث الرواية؟
ـ لا يوجد سببا محدد، مدينة في ايطاليا حيث تصل قوارب الهجرة، كان من الممكن أن تكون أي مدينة أخرى، تبعد نسبيا عن مكان احتجاز الزوج، حتى تواجه الحياة الجديدة لوحدها، ولكن في كل مدينة مشهورة نفس العناصر التي تناولتها الرواية، شارع عريق بمحلات الأغنياء وأسواق الفقراء، والمفارقة بينهما، وكذلك المعالم، سواء اكان برج بيزا أو معلم آخر.
المهم هنا اختلاف نمط الحياة بين مدن الغربة ومدينة الوطن حيث النشأة والاختلاف بينهما ومدى تأثير ذلك. وقد ذكرت فاطمة ذلك في أحد الفصول عندما كانت تفاضل بين البقاء وخيار العودة، لم يكن المكان.
ـ ما علاقة هذه الرواية بالراهن الليبي سياسيا واجتماعي؟
ـ شخصيات الرواية الرئيسية لليبيين، الزوج والزوجة والمهاجر الشاب وظروف البلاد وبالتالي لها ارتباط كبير بالواقع الليبي، ركزت على الجانب الاجتماعي بالأساس ولكنها لم تتعمق في الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.
ـ هل يمكن أن نعتبر روايتك وثيقة اجتماعية بلغة الأدب؟
أحب أن اراها رواية ادبية فقط وأن تظل كذلك، الوثيقة الاجتماعية أكثر تعقيد وتراعي أشياء عديدة حتى نعتبرها وثيقة عامة، شخصيات الرواية أفراد بظروفهم الخاصة، بأخطائهم وحسناتهم وليسوا معيار لأخرين.
ـ من هو القارئ النموذجي من وجهة نظرك؟
ـ لا اعلم صراحة، في قراءة القصة أو الرواية ربما يكون القارئ الذي يعيش بخياله اجواء ما يقرأ. يضع نفسه داخل القصص ويتقمص الشخصيات، يسافر معها وينهل من ثقافتها وأحداثها، ويَعتبِر.
ـ ما هو إيقاع الكتابة لديك؟
ـ أنها الرواية الأولى، تجربة وحيدة إلى الآن فليس من السهل أن اعتبر بأن لي ايقاع معين، لم أفكر في أمر النشر ولم يكن وارد عند الكتابة، كتبت بتحرر، لنفسي ولمجموعة قريبة من الأصدقاء، اظن بانها لم تستغرق وقت طويلا في الكتابة بصورة فاجأتني.