د ابوالقاسم عمر صميدة
اذا اردت ان تعرف كيف تُصنع السياسة فى امريكا عليك ان تقرأ سيرة الرئيس الامريكى الراحل ريتشارد نكسون ، فهو رئيس يلخص امريكا ، سواء امريكا التى نكرهها ونخشاها او التى نحاول ان نفهمها ، انه يختزل ما تعنيه امريكا من قوة ودهاء وتوحش وانجازات وخطط وتجسس ونجاح وفشل ، حتى الحُلم الامريكى يختزله نكسون ، فهو بقى نائب رئيس لفترتين متتاليتين مع الرئيس الجنرال ايزنهاور قائد قوات الحلفاء المناصرة فى الحرب العالمية الثانية ، ثم كان قبلها عضو فى مجلس النواب ، وكان عضو فى مجلس الشيوخ ، واخيراً صار رئيس للولايات المتحدة لفترتين ، واستقال فى الفترة الثانية تحت ضغط ما سُمى بفضيحة ( ووتر جيت ) حيث تبين ان مساعدين له تجسسوا على خصومهم الديمقراطيين ، فنكسون الجمهورى العنيد هو من قّدم للعالم اسماء كبيرة فى عالم السياسة منهم من صار رئيس كفورد وريجان وبوش الاب ومنهم من شهرته فاقت ارجاء العالم كالثعلب هنرى كيسنجر والوزير وليم روجرز صاحب مبادرة السلام الشهيرة بين العرب والكيان الصهيونى ، والرئيس نكسون هو من فتح الطريق امام عزلة الصين ، وهو من اطلق العنان للتعاون الصينى الغربى الذى اوصل الصين الى مستوى عال من النمو والاقتصاد والتقنية ، والرئيس نكسون هو اول رئيس تحدث مع رواد الفضاء فوق سطح القمر ، وهو اول من ساعد المهندسين على الاستعجال بالربط المشترك لمصادر المعرفة وهى فكرة ( الانتر نت ) ولعله من الامور الملفته للنظر انه زار وهو نائب للرئيس ليبيا فى 1957وتجول فى شوارع طرابلس رفقة زوجته ، وبذلك فهو ارفع مسؤول امريكى زار بلادنا حتى الآن ، لكل هذا وغيره كان كتابى الجديد حول الرئيس نكسون امراً مهماً لمن يريد ان يعرف كيف يتعامل مع الوحش الحقيقى “امريكا “وكيف تتخذ القرارات فى البيت الابيض ؟ وكيف يمكن فهم السياسة الامريكية اتقاء لشرورها ؟ومع ذلك فان تكتب كتاب عن اكثر رئيس امريكى مكروه فى العالم ، فأنت ضد العالم ، هذا ما فعلته انا ..