بدون ســقف
بقلم : عبدالرزاق الداهش
«بارك قوين های» امرأة ليست من فولاذ، ولكنها ليست من خشب، لم تكمل فترة ولايتها في القصر الرئاسي، لتكمل حياتها في السجن الرئيسي.
الرئيسة السجينة، ليست حدوثة من انقلابات العالم الثالث، وكوريا الجنوبية ليست زمبابوي.
فماذا فعلت «بارك فوين هاي» حتى تقضي المحكمة بعزلها من مؤسسة الرئاسة في المرة الأولى، وسجنها 24 عاما في المرة الثانية؟
سيدة كوريا الجنوبية لم تعين أولاد أختها ، أو بنات عمها في وظائف عليا بالدولة، في سياق دبلوماسية (اللهط).
وسيدة كوريا الجنوبية لم تبرم العقود الوهمية، على المشاريع الوهمية، من أجل كوميشن العشرة بالمئة، أو حتى الواحد بالمئة .
وسيدة كوريا الجنوبية، لم تفكر ماذا سوف تقطعه من قالب المرطبات الكوري، أو ماذا سوف تجمعه من عزومة البوفيه الكورية.
امرأة وصلت إلى مؤسسة الرئاسة بالكفاءة، وعبر صناديق الانتخاب، وبالوعود للناخبين، وليس بالمكافأة أو عبر صناديق الذخيرة.
امرأة لم يحدث خلال توليها الرئاسة مشكلة ارتفاع عال في معدلات الفساد، او انتشار واسع للبطالة، أو تدهور استثنائي لقطاع الخدمات، أو تراجع نسبة النمو إلى الصفر.
كل ما فعلته الرئيسة السجينة هو أنها حاولت أن تكون وفية لصديقتها، ولكن على حساب الوفاء لقيم المواطنة، وبلد القانون، والمحاسبة.
لم تأخذ ملى أحمر من أموال دافع الضرائب، ولكن الشركات دفعوا الملايين لجمعيات خيرية تديرها صديقتها، وبتأثير منها .
لا أحد قال اتركوها لأنها أبنة “بارك تشونج”، الذي جعل الناتج الإجمالي لكوريا الجنوبية يتجاوز الناتج القومي لكل البلدان العربية مجتمعة في الثمانيات، بعد أن كان الناتج القومي لهذا البلد أقل من الناتج القومي لمصر في الستينات.
لا أحد قال دعوها لأنها أبنة الرجل الذي وضع كوريا الجنوبية على سكة الحداثة، بإصلاح التعليم وخاصة المهني، والاهتمام باقتصاد المعرفة، وانتاج القيمة المضافة، وبمنطق من لا يملك الذهب تحت أقدامه، عليه أن يبحث عنه داخل رأسه.
في كوريا الجنوبية اليوم أرقام انتاجها من السيارات، تتخطى أرقام فرنسا، وإيطاليا ، وبريطانيا مجتمعين.
في كوريا الجنوبية اليوم، إيرادات شركة سامسونغ من تصدير أجهزة التلفزيون، يتجاوز إيرادات ليبيا من تصدير النفط ثلاثة مرات.
ثم هل هناك بيت ليبي يخلو من سيارة کورية، أو هاتف كوري، أو غسالة، أو مكيف هواء کوری؟
ولكن هل كان لكوريا الجنوبية أن تصل إلى هذه النسبة العالية من الجدارة، وهذه المساحة الواسعة من التخطي، لو لم تصل إلى هذا المعدل العالي من نظافة اليد، واحترام القانون؟
الرئيس في دولة مثل كوريا الجنوبية هو مجرد موظف لدى الدولة، أما رئيس أقل مؤسسة عندنا فالمؤسسة ستكون مجرد موظفة له، وحتى أفراد أسرته.
لهذا هم سوف يحلقون إلى ما فوق القمر، وسنظل نحن ننبش إلى ما تحت القبر.