منصة الصباح

الدَّوْلَةُ… وَأَزْمَةُ السِّيُولَة

باختصار

في ظل أزمة السيولة التي تجتاح مصارف البلاد، يتزاحم المواطنون والمواطنات في طوابير طويلة أمام المصارف العامة والخاصة تحت أشعة الشمس الحارقة لسحب مرتباتهم، التي تُعد المصدر الأهم لدخلهم.
تبدأ أزمة السيولة عندما يواجه المصرف زيادة مفاجئة في طلبات سحب الأموال، ما يسبب ضغطًا على أصوله السائلة.. في مثل هذه الظروف، قد يتعرض المصرف لمشكلة في توفير النقد الكافي لتلبية احتياجات العملاء، ما يسبب قلقًا بين العملاء والمستثمرين على حد سواء، وعندما يتزايد السحب المفاجئ من قبل المودعين، قد يُجبر المصرف على بيع أصوله بسرعة وبأسعار منخفضة لتلبية الطلبات، ما يضر بشكل كبير بوضعه المالي.
في اعتقادي، أن من بين الحلول التي يجب أن تتخذها الدولة متمثلةً في وزارة الاقتصاد والتجارة للتخفيف من وطأة أزمة السيولة على المواطنين هي إجبار جميع المحلات والأسواق والمصحات، بغض النظر عن السلع والخدمات التي يبيعونها ويقدمونها، على البيع باستخدام البطاقات المصرفية، كما ينبغي إلزام المصارف بإصدار بطاقة مصرفية لكل حساب مصرفي بعمولة مخفضة، ما يتيح للمواطنين الشراء من المحلات والأسواق باستخدام بطاقات بدلًاً من السيولة النقدية، أسوة بدول العالم التي تأخرنا عن اللحاق بها كثيرًا.
ويمكن لوزارة الاقتصاد والتجارة تنفيذ هذه المبادرة بفعالية وسهولة من خلال اشتراط وجود نظام دفع بالبطاقات في المحلات التجارية كشرط لمنح وتجديد التراخيص، فقد أصبح من الضروري أن تبحث وزارة الاقتصاد عن وسائل فعالة لإدارة تدفق السيولة، وتُعد البطاقات المصرفية واحدة من أبرز الحلول الممكنة التي يمكن أن تسهم في معالجة جزء كبير من هذه الأزمة.
كما أن تشجيع الجميع، من مواطنين ومصارف وأصحاب المحلات، على استخدام البطاقات المصرفية في عمليات البيع والشراء يقلل من الطلب على السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي، ما يساعد في الحفاظ على احتياطيات السيولة. إضافة إلى ذلك، يسهم الدفع الإلكتروني عبر البطاقات في تسوية المعاملات بشكل أسرع، ما يعزز من كفاءة الدورة النقدية للمصارف.
علاوة على ذلك، يمكن أن يسهم التوسع في استخدام البطاقات المصرفية في توفير وسيلة مرنة وآمنة للوصول إلى الخدمات المصرفية المتعددة والمتنوعة، وهذا بدوره يمكن أن يزيد من قاعدة العملاء ويعزز الاستقرار المالي للمصارف.
وحتى وإن كانت البطاقات المصرفية لا تمثل حلاً سحريًا وجذرياً لمشكلة نقص السيولة، إلا أنها تقدم مجموعة من الفوائد التي قد تساعد في تحسين إدارة السيولة، وتخفف من وقع هذه الأزمة على الجميع.

د. علي عاشور

شاهد أيضاً

من هو المختار؟

عبدالرزاق الداهش كل ما كانت تريده إيطاليا هو أن تضع السلطة على يمين عمر المختار،والمال …